للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوم ثاوَرَ الحسنَ بنَ عليّ ليغتاله بساباط، وشُدِخ قبيصة بالحجارة، وقُتل أربد بالوَجْء وبنعال السيوف. وقال سعد: إنّي لأوّل رجل أهرق دمًا من المشركين؛ ولقد جمع لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبوْيه، وما جمعهما لأحد قبلي، ولقد رأيتُني خُمس الإسلام، وبنو أسد تزعم أنّي لا أحسن أن أصلّي، وأن الصيد يُلهيني. وخرج محمد به وبهم إلى عمر حتى قدموا عليه، فأخبره الخبر، فقال: يا سعد! ويحك، كيف تُصَلِّي! فقال: أطيل الأولَيين، وأحذف الأُخْريين، فقال: هكذا الظنّ بك! ثم قال: لولا الاحتياط لكان سبيلُهم بيّنًا. ثمّ قال: مَنْ خليفتُك يا سعد على الكوفة؛ قال: عبد الله بن عبد الله بن عِتْبان، فأقرّه واستعمله؛ فكان سبب نهاوند وبدء مشورتها وبعوثها في زمان سعد؛ وأما الوقعة ففي زمان عبد الله.

قالوا: وكان من حديثهم أنهم نفروا لكتاب يزْدَجِرد الملك، فتوافَوْا إلى نهَاوند، فتوافَى إليها من بين خُراسان إلى حُلوان؛ ومن بين الباب إلى حلوان، ومن بين سِجستان إلى حُلوان؛ فاجتمعت حلَبة فارس والفهْلوج أهل الجبال من بين الباب إلى حُلوان ثلاثون ألف مقاتل؛ ومن بين خراسان إلى حُلوان ستون ألف مقاتل، ومن بين سِجِسْتان إلى فارس وحُلوان ستون ألف مقاتل؛ واجتمعوا على الفيرُزان، وإليه كانوا توافَوْا وشاركهم موسى (١). (٤: ١٢٠/ ١٧٠).


(١) إسناده ضعيف وله ما يشهد له فأما حشد الفرس لجموعهم من مختلف الأنحاء وتوجههم نحو نهاوند فقد جاء بيانه عند ذكر الشواهد والمتابعات لقصة نهاوند عند الطبري، أما ما أثاره بعض أهل الكوفة من تهم حول سلوك الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص ومن ثم تحري سيدنا عمر لذلك علمًا بأن المسلمين كانوا في وقت حرج في مواجهة حشود الفرس نحو نهاوند وأخيرًا فثبوت براءة سعد من هذه التهم كيف لا وهو من السابقين الأوائل وهو أول من رمى بسهم (في سبيل الله) في الإسلام ويؤيد ما ذكره الطبري ما يلي:
١ - أخرج البخاري في صحيحه عن قيس قال: (سمعت سعدًا - رضي الله عنه - يقول: إني لأول العرب رمى بسهم في سبيل الله، وكنا نغزو مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وما لنا من طعام إلّا ورق الشجر، حتى إن أحدنا ليصنع كما يصنع البعير أو الشاة ما له خلط، ثم أصبحت بنو أسد تعزرني على الإسلام لقد خبت إذًا وضلّ عملي، وكانوا وشوا به إلى عمر قالوا: لا يحسن يصلي) (فتح الباري ٧/ ١٠٤).
٢ - وأخرج البخاري في صحيحه عن جابر بن سمرة قال: (شكا أهل الكوفة سعدًا إلى عمر - رضي الله عنه -، فعزله واستعمل عليهم عمارًا، فشكوا حتى ذكروا أنه لا يحسن يصلي فأرسل إليه فقال: يا أبا إسحاق إن هؤلاء يزعمون أنك لا تحسن تصلي. قال أبو إسحاق: أما أنا =

<<  <  ج: ص:  >  >>