للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الفهرس لكل واحد من المؤلفين، ومصنَّفَة حسب مواضيعها (١).

ولو ذكر الطبري أسماء الكتب لاستطاع الباحثون الرجوع إلى ما بقي منها، ولعرف الخلف مؤلفات السلف للتنقيب عنها، وتحقيق ما سلم من الضياع منها، والمقارنة بين نصوصها ونصوص الطبري.

٣ - كان الطبري يقطع الأحداث بالروايات المتعددة، وبالسنين المتعاقبة، فيقطع الرواية الواحدة إذا وقع فيها خلاف، فيذكر الرواية أو الروايات المخالفة ثم يعود للرواية الأولى، فتتداخل الروايات وتتشابك، ويتشتت معها القارئ، وينشغل بالفروع عن الحادث الأصيل، مع ما في طريقة الطبري من أمانة ودقة، وكان يمكنه تحقيق هدفه بعرض كل رواية عرضًا كاملًا، ثم بالتعقيب عليها بغيرها، ثم بالموازنة فيما بينها، وترجيح بعضها على بعض.

وكان منهج الطبري "الحولي" يضطره إلى تجزئة الحادث الذي امتد عدة سنوات، فتتبعثر صورته، ويفقِد وَحْدته وموضوعه، مما يصعب معه على القارئ أنْ يُلِمَّ بالحادث الواحد متكاملًا.

٤ - التركيز على الجانب السياسي، وهو ما فعله أكثر المؤرخين الذين كتبوا في التاريخ العام، وتأثر الطبري رحمه الله بهم وبروح العصر الذي عاش فيه، ولذلك قال السخاوي عنه: "وهو جامع لطرق الروايات، وأخبار العالم، لكنه مقصور على ما وضعه لأجله من علم التاريخ والحروب والفتوحات" (٢)، وحتى في الجانب السياسي يُغفل الطبري أسماء الولاة والموظفين، ويُغفل أحيانًا بعض الحركات المعارضة للسلطة.

ويعد: فإن هذه الملاحظات على تاريخ الطبري، والمآخذ على منهجه، لا تقلِّل من قيمته، ولا تُنْقص من أهميته، وأنه كتاب جليل القدر، عظيم القيمة، وأنَّه المرجع الأول للتاريخ العربي الإِسلامي، ويحتل الصدارة عند المؤرخين، ويتبوَّأ المكانة الأولى بين كتب التاريخ، وأنه المرجع الأصيل لكل من كتب في التاريخ، والمصدر الأساسي لمن جاء بعده من المؤرِّخين، ويمثّل


(١) انظر: الفهرست ص ١٣١ وما بعدها، علم التاريخ عند المسلمين ص ٢٧٣.
(٢) الإعلان بالتوبيخ لمن ذمَّ أهل التواريخ ص ٦٦٩ ضمن كتاب علم التاريخ عند المسلمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>