للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوليد يعتكف على الخمر؛ وأذاعوا ذلك حتى طرح على ألسن الناس، فقال ابن مسعود: من استتر عنّا بشيء لم نتتبع عورته، وأنهتك ستره؛ فأرسل إلى ابن مسعود فأتاه فعاتبه في ذلك، وقال: أيُرْضَى من مثلك بأن يجيب قومًا موتورين بما أجبت عليّ! أيّ شيء أستتر به! إنما يقال هذا للمريب، فتلاحيا وافترقا على تغاضُب، لم يكن بينهما أكثر من ذلك (١). (٤: ٢٧٤/ ٢٧٥).

٢٣٩ - وكتب إليّ السريّ عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة، قالا: وأتِي الوليد بساحر، فأرسل إلى ابن مسعود يسأله عن حدّه، فقال: وما يُدريك أنه ساحر! قال: زعم هؤلاء النّفر - لنفر جاؤوا به -: أنه ساحر، قال: وما يُدرِيكم أنه ساحر! قالوا: يزعم ذاك، قال: أساحر أنت؟ قال: نعم، قال: وتدرِي ما السحر؟ قال: نعم، وثار إلى حمار، فجعل يركبه من قبَل ذَنبه، ويُريهم أنه يخرج من فمه واستِه. فقال ابن مسعود: فاقتله. فانطلق الوليد، فنادوا في المسجد: أنّ رجلًا يلعب بالسحر عند الوليد، فأقبلوا، وأقبل جُندَب - واغتنمها - يقول: أين هو؟ أين هو؟ حتى أريَه! فضربه، فاجتمع عبد الله والوليد على حبسِه؛ حتى كتب إلى عثمان، فأجابهم عثمان أن استحلفوه بالله ما علم برأيكم فيه. وإنه لصادق بقوله فيما ظنّ من تعطيل حدّه. وعزّروه، وخلَّوْا سبيله. وتقدم إلى الناس في ألّا يعملوا بالظّنون، وألّا يقيموا الحدود دون السلطان، فإنا نقيد المخطئ، ونؤدّب المصيب. ففعل ذلك به، وتُرك لأنه أصاب حدًّا، وغضب لجُندب أصحابُه، فخرجوا إلى المدينة، فيهم أبو خُشَّة الغِفاريّ وجَثامة بن الصّعب بن جَثّامة ومعهم جُندب، فاستعفوْه من الوليد، فقال لهم عثمان: تعملون بالظنون، وتخطئون في الإسلام، وتخرجون بغير إذن؛ ارجعوا. فردّهم، فلما رجعوا إلى الكوفة، لم يبق موتورٌ في نفسه إلّا


(١) إسناده ضعيف ولكن يشهد له ما أخرج أبو داود في سننه (٤/ ٢٧٢) عن زيد بن وهب قال: أتي ابن مسعود فقيل: هذا فلان تقطر لحيته خمرًا، فقال عبد الله: إنا قد نهينا عن التجسس ولكن إن يظهر لنا شيء نأخذ منه، وأخرجه عبد الرزاق بلفظ: قيل لابن مسعود: هلك الوليد بن عقبة تقطر لحيته خمرًا - (المصنف ١٠/ ٢٣٢) ورجاله ثقات إلّا أن الأعمش مدلّس - وهذا عن شأن التجسس، أما مسألة اتهام الناس للوليد بن عقبة بشرب الخمر وجلد عثمان له فسنتحدث عنه بعد الرواية الآتية.

<<  <  ج: ص:  >  >>