للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنزلوا الأعوَص، وجاءهم ناس من أهل مصر، وتركوا عامّتهم بذي المرْوَة. ومشى فيما بين أهل مصر وأهل البصرة زياد بن النّضْر وعبد الله بن الأصمّ، وقالا: لا تَعجلوا ولا تُعجِلونا حتى ندخل لكم المدينة ونرتاد، فإنه بلغنا أنهم قد عسكروا لنا؛ فوالله إن كان أهل المدينة قد خافونا واستحلّوا قتالنا ولم يعلموا علمنا؛ فهم إذا علموا علْمنا أشدّ؛ وإنّ أمرنا هذا لبَاطل؛ وإن لم يستحلوا قتالنا ووجدنا الذي بلغنا باطلًا، لَنرجعنَّ إليكم بالخبر.

قالوا: اذهبا، فدخل الرجلان فلقيا أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - وعليًّا وطلحة والزبير، وقالا: إنما نأتمّ هذا البيت، ونستعفي هذا الواليَ من بعض عمّالنا، ما جئنا إلّا لذلك، واستأذناهم للناس بالدخول، فكلّهم أبَى، ونهى وقال: بَيْض ما يُفْرِخَنَّ، فرجعا إليهم فاجتمع من أهل مصر نفرٌ فأتوْا عليًّا ومن أهل البصرة نفرٌ فأتوا طلحة، ومن أهل الكوفة نفر فأتوْا الزبير؛ وقال كلّ فريق منهم: إن بايعوا صاحبنا وإلا كدناهم وفرّقنا جماعتهم، ثم كررنا حتى نبغتَهم، فأتى المصريون عليًّا وهو في عسكر عند أحجار الزّيت، عليه حلّة أفوافٍ معتمّ بشقيقة حمراء يمانية، متقلّد السيف، ليس عليه قميص، وقد سزح الحسن إلى عثمان فيمن اجتمع إليه. فالحسنُ جالس عند عثمان، وعليّ عند أحجار الزيت، فسلم عليه المصريون وعرضوا له، فصاح بهم واطّردهم، وقال: لقد علم الصالحون أن جَيش ذي المرْوة وذي خُشب ملعونون على لسان محمد - صلى الله عليه وسلم -، فارجعوا لا صحِبكم الله! قالوا: نعم، فانصرفوا من عنده على ذلك.

وأتى البصريون طلحة وهو في جماعة أخرى إلى جنب عليّ، وقد أرسل ابنيه إلى عثمان، فسلّم البصريّون عليه وعرَضوا له، فصاح بهم واطّردهم، وقال: لقد علم المؤمنون أن جيش ذي المرْوة وذي خُشب والأعوَص ملعونون على لسان محمّد - صلى الله عليه وسلم -.

وأتى الكوفيون الزبير وهو في جماعة أخرى؛ وقد سرّح ابنه عبد الله إلى عثمان، فسلموا عليه وعرضوا له، فصاح بهم واطّردهم، وقال: لقد علم المسلمون أن جَيش ذي المَروة وذي خُشب والأعوص ملعونون على لسان محمد - صلى الله عليه وسلم -، فخرج القوم وأرَوْهم أنهم يرجعون، فانفشّوا عن ذي خشُب والأعوص، حتى انتهوا إلى عساكرهم؛ وهي ثلاث مراحل؛ كي يفترق أهلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>