كالأحزاب أيّام الأحزاب أو مَنْ غزانا بأحُد إلّا ما يُظهرون؛ فمن قدر على اللحاق بنا فلْيَلْحَق.
فأتى الكتاب أهلَ الأمصار، فخرجوا على الصّعبة والذّلول؛ فبعث معاوية حبيب بن مسلمة الفهريّ، وبعث عبد الله بن سعد معاوية بن حُديج السّكونيّ، وخرج من أهل الكوفة القعقاع بن عمرو.
وكان من المحضّضين بالكوفة على إعانة أهل المدينة عُقْبةُ بن عمرو وعبد الله بن أبي أوفَى وحنظلة بن الربيع التميميّ في أمثالهم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. وكان من المحضّضين بالكوفة من التابعين أصحابُ عبد الله مسروق بن الأجدع، والأسود بن يزيد، وشُريح بن الحارث، وعبد الله بن عُكَيم؛ في أمثالهم؛ يسيرون فيها، ويطوفون على مجالسها؛ يقولون: يا أيها الناس! إن الكلام اليوم وليس به غدًا، وإنّ النظر يحسن اليوم ويقبح غدًا، وإنّ القتال يحلّ اليوم ويحرُم غدًا، انهضوا إلى خليفتكم، وعصْمة أمرِكم.
وقام بالبصرة عمران بن حصين، وأنس بن مالك، وهشام بن عامر في أمثالهم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يقولون مثل ذلك، ومن التابعين كعب بن سُور، وهرِم بن حَيّان العبديّ، وأشباه لهما يقولون ذلك! وقام بالشام عبادة بن الصامت، وأبو الدرداء، وأبو أمامة في أمثالهم من أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يقولون مثل ذلك، ومن التابعين شريك بن خُباشة النُّميريّ، وأبو مسلم الخوْلانيّ، وعبد الرحمن بن غَنْم بمثل ذلك، وقام بمصر خارجة في أشباه له؛ وقد كان بعض المحضّضين قد شهد قدومهم، فلمَّا رأوا حالهم انصرفوا إلى أمصارهم بذلك وقاموا فيهم.
ولما جاءت الجمعة التي على أثر نزول المصريين مسجدَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج عثمان فصلَّى بالناس ثم قام على المنبر فقال: يا هؤلاء العدَى، اللهَ اللهَ! فوالله إن أهل المدينة ليعلمون أنكم ملعونون على لسان محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ فامحوا الخطايا بالصواب؛ فإن الله عزّ وجلّ لا يمحو السيّئ إلّا بالحسن.
فقام محمد بن مسلمة، فقال: أنا أشهدُ بذلك، فأخذه حُكَيم بن جبلة فأقعده، فقام زيد بن ثابت فقال: ابغِني الكتاب، فثار إليه من ناحية أخرى محمد بن أبي قُتَيرة فاقعده؛ وقال فأفظَع؛ وثار القوم بأجمعهم، فحصَبُوا الناس