وذكرنا الرواية (٤/ ٣٨٥ / ٨٢٥) في قسم الضعيف لما فيها من عبارات لا تليق بصحابة رسول الله وأغلب الظن أن رواية سيف (أي شعيب) المعروف بتحامله على الصحابة هو الذي زاد هذه العبارات على أصل القصة عند المؤرخين والمحدثين، وأما محاولة أم حبيبة للدخول على أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه وهو محاصر ومنعها من ذلك فقد حصل كما أخرج الإمام أحمد عن الحسن البصري أنه قال: (لما اشتد أمرهم يوم الدار قالوا: فمن فمن؟ قال: فبعثوا إلى أم حبيبة فجاؤوا بها على بغلة بيضاء وملحفة قد سترت فلما دنت من الباب قالوا: ما هذا؟ قالوا: أم حبيبة قالوا: لا والله لا تدخل، فردّوها) (فضائل الصحابة ١/ ٤٩٢). وصحح المحقق إسناده. وليست في هذه الرواية: أنهم ضربوا وجه بغلتها وقالوا لها كاذبة وقطعوا حبل البغلة بالسيف وكادت تقتل ومالت بها راحلتها وما إلى ذلك من الاختلاقات التي لم ترد من رواية صحيحة بالأصل أنهم منعوها فحسب - ولكن ما تقول لراوٍ كشعيب ينتهز الفرص للنيل من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد نسي أن باب الإسناد له بالمرصاد وكذلك فإن رواية (سيف من طريق شعيب) جاءت بعبارة (وتجهزت عائشة خارجة إلى الحج هاربة) وحاشا للسيدة عائشة أم المؤمنين أن تهرب بحجة أنها تحج والوقائع المشهورة تكذب ذلك، فكيف تخرج في وقعة الجمل إلى البصرة بعيدًا عن المدينة ثم لا تملك الشجاعة أن تجلس في مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا ضير أن نقول: إنها كانت في ذلك الحين في مكة أو إنها أرادت أن تكون بعيدة عن الفتنة حتى لا تأثم، ولقد عزا الحافظ ابن حجر إلى الطبري من أنها كانت في مكة حين قتل سيدنا عثمان، وصحح الحافظ إسناده. (الفتح ١٣/ ٣٨).