مثل رأيك صلَح هذا الأمر. فرجع إلى عليّ فأخبره فأعجبه ذلك، وأشرف القوم على الصّلح؛ كَرِه ذلك مَن كرهه، ورضيَه مَنْ رضيه.
وأقبلت وُفود البصرة نحو عليّ حين نزل بذي قار، فجاءت وفود تميم وبكْر قبل رجوع القعقاع لينظروا ما رأى إخوانهم من أهل الكوفة، وعلى أيّ حال نهضوا إليهم، وليعلِموهم أنّ الذي عليه رأيُهم الإصلاح، ولا يخطر لهم قتالٌ علَى بالٍ. فلمّا لقُوا عشائرَهم من أهل الكوفة بالذي بعثهم فيه عشائرُهم من أهل البصرة وقال لهم الكوفيون مثلَ مقالتهم، وأدخلوهم على عليّ فأخبروه خبرَهم؛ سأل عليٌّ جرير بن شرِس عن طلحة والزّبير، فأخبره عن دقيق أمرهما وجليله حتى تمثّل له:
ألا أَبْلغ بَني بَكْرٍ رَسولا ... فَلَيسَ إلى بَني كَعب سَبيلُ
سَيَرْجِعُ ظُلْمَكُمْ مِنْكُمْ عَلَيكُم ... طَويلُ الساعِدَينِ له فُضولُ
فدافَعَ عن خُزاعَةَ جَمْعُ بَكْرٍ ... وما بك يا سُراقَةُ مِنْ دِفاعِ
رجع الحديث إلى حديث سيف عن محمد وطلحة: فأرسل عمران بن حُصين في الناس يخذّل من الفريقين جميعًا، كما صنع الأحنف، وأرسل إلى بني عديّ فيمن أرسل، فأقبل رسولُه حتى نادى على باب مسجدهم: ألا إنّ أبا نُجَيد عمران بن الحُصين يقرئكم السلام، ويقول لكم: والله لأن أكون في جبل حَضَن مع أعنُز خضْر وضأن، أجزُّ أصوافها، وأشرَب ألبانَها أحبُّ إليّ من أن أرميَ في شيء من هذين الصفين بسهم. فقالت بنو عديّ جميعًا بصوت واحد: إنا والله لا نَدَع ثقلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لشيء. يَعنُون: أمّ المؤمنين.
رجع الحديث إلى حديث سيف عن محمد وطلحة: وأهل البصرة فِرَق: فرقة مع طلحة، والزبير، وفرقة مع عليّ، وفرقة لا ترى القتال مع أحد من الفريقين، وجاءت عائشة رضي الله عنها من منزلها الذي كانت فيه حتى نزلت في مسجد الحُدّان في الأزْد، وكان القتال في ساحتهم، ورأس الأزد يومئذ صَبْرة بن شَيْمان، فقال له كعب بن سور: إنّ الجموع إذا تراءَوا لم تستطع، وإنما هي