أمّ المؤمنين رضي الله عنها، فلقيتُها فقلت: من تأمريني أن أبايع؟ قالت: عليّ، قلتُ: تأمرينني به وترضينه لي؟ قالت: نعم؛ فمررتُ على عليّ بالمدينة فبايعتُه، ثمّ رجعت إلى أهلي بالبصرة ولا أرى الأمر إلّا قد استقامَ، قال: فبينا أنا كذلك، إذ أتاني آتٍ فقال: هذه عائشة، وطلحة، والزّبير قد نزلوا جانب الخُرَيبة، فقلت: ما جاء بهم؟ قالوا: أرسلوا إليك يدعونك يستنصرون بك على دَم عثمان رضي الله عنه، فأتاني أفظعُ أمر أتاني قطّ! فقلت: إنّ خذْلاني هؤلاء ومعهم أمّ المؤمنين وحواريّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لَشديد، وإنّ قتالي رجلًا ابن عمّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أمروني ببيعته لشديد. فلما أتيتهم قالوا: جئنا لنستنصر على دم عثمان رضي الله عنه، قُتل مظلومًا؛ فقلت: يا أمّ المؤمنين! أنشدك بالله أقلتُ لك: مَن تأمريني به؟ فقلت: عليّ؟ فقلتُ: أتأمرينني به وترضينه لي؟ قلت: نعم! قالت: نعم! ولكنه بدّل. فقلت: يا زُبير يا حواريّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا طلحة! أنشدكما الله، أقلتُ لكما: ما تأمراني؟ فقلتما: عليّ. فقلت: أتأمراني به وترضيانه لي؟ فقلتما: نعم! قالا: نعم! ولكنه بدّل. فقلتُ: والله لا أقاتِلُكم ومعكم أمّ المؤمنين وحواريّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أقاتِل رجلًا ابن عمّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أمرتموني ببيعته؛ اختاروا مني واحدة من ثلاث خِصال: إما أن تفتحوا لي الجسر فألحق بأرض الأعاجِم حتى يقضيَ الله عزّ وجلّ من أمره ما قضى، أو ألحق بمكة فأكون فيها حتى يقضي الله عزَّ وجلَّ من أمره ما قضى، أو أعتزل فأكونُ قريبًا. قالوا: إنا نأتمر، ثم نرسل إليك. فائتمروا فقالوا: نفتح له الجسرَ ويخبرهم بأخباركم! ليس ذاكم برأي، اجعلوه هاهنا قريبًا حيث تطؤون على صِماخه وتنظرون إليه. فاعتزل بالجلحاء من البصرة على فرسخين، فاعتزل معه زُهاءٌ على ستة آلاف.
ثم التقى القوم فكان أوّل قتيل طلحة رضي الله عنه، وكعب بن سُور معه المصحف يذكِّر هؤلاء وهؤلاء، حتى قتل مَنْ قتل منهم، ولحق الزبير بسَفوان، من البصرة كمكان القادسيَّة منكم، فلقيه النَّعِر؛ رجل من مجاشع، فقال: أين تذهب يا حواريّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ إليّ فأنت في ذمتِي لا يوصَل إليك؛ فأقبل معه؛ فأتى الأحنف خبره فقيل: ذاك الزُّبَيْر قد لقي بِسَفوان فما تأمر؟ قال: جمَع بين المسلمين حتى ضرب بعضهم حواجب بعض بالسيوف ثم يلحق ببيته، فسمعه