للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخنزير فأرضاه من خنزيره، فلما رأى ذلك منهم ابن خبّاب قال: لئن كنتم صادقين فيما أرى فما عليَّ منكم بأس، إني لَمُسلِم؛ ما أحدثتُ في الإسلام حَدَثًا، ولقد أمّنتموني، قلتم: لا رَوْع عليك! فجاؤوا به فأضجَعوه فذَبحوه، وسال دمه في الماء، وأقبَلوا إلى المرأة، فقالت: إنّي إنما أنا امرأة، ألّا تتقون الله! فبَقَروا بطنَها، وقتَلوا ثلاثَ نسوةٍ من طيّئ، وقتلوا أمَّ سِنان الصيّداويّة، فبلغ ذلك عليًّا ومن معه من المسلمين مِن قتلهم عبد الله بن خبّاب، واعتراضهم الناس، فبعث إليهم الحارثَ بن مرّة العبديّ ليأتيَهم فينظر فيما بلغه عنهم، ويكتبَ به إليه على وجهه، ولا يكتمه. فخرج حتى انتهى إلى النهر ليُسائلهم، فخرج القومُ إليه فقتلوه، وأتى الخبرُ أميرَ المؤمنين والناس، فقام إليه الناس، فقالوا: يا أميرَ المؤمنين! عَلام تَدَع هؤلاء وراءنا يخلفوننا في أموالنا وعيالِنا! سِرْ بنا إلى القوم فإذا فرغنا مما بيننا وبينهم سِرْنا إلى عدوّنا من أهل الشام. وقام إليه الأشعث بن قيس الكِنْديّ فكلّمه بمثل ذلك. وكان الناس يَرَوْن: أن الأشعث يَرَى رأيَهم لأنه كان يقول يومَ صِفيّن: أنصفنَا قوم يدعون إلى كتاب الله، فلما أمر عليًّا بالمسير إليهم علم الناس أنه لم يكن يرى رأيهم. فأجمع على ذلك، فنادى بالرحيل، وخرج فعَبَر الجسر فصلّى ركعتين بالقنطرة، ثم نزل ديرَ عبد الرحمن، ثم دير أبي موسى، ثم أخذ على قرية شاهي، ثم على دَباها، ثم على شاطئ الفرات، فلقيَه في مسيره ذلك منجّم، أشار عليه بسير وقتٍ من النهار، وقال له: إن سرتَ في غير ذلك الوقت لقيت أنت وأصحابك ضرًّا شديدًا. فخالفه، وسار في الوقت الذي نهاه عن السير فيه، فلما فرغ من النهر حمد الله وأثنَى عليه ثم قال: لو سرنا في الساعة التي أمرنا بها المنجِّم لقال الجهّال الذين لا يعلمون: سار في الساعة التي أمره بها المنجّم فظفر (١). (٥: ٨١/ ٨٢ / ٨٣).


(١) في إسناده أبو مخنف وهو تالف إلا أن لمتنه ما يشهد له كما في الرواية السابقة وشواهدها الصحيحة والله أعلم.
إلّا أن أبا مخنف زاد في تفاصيل الحادثة وتوحي روايته بأن الناس هم الذين حرّضوا سيدنا علي على قتالهم، ولعل ذلك حصل من الناس ولكن عليًّا أعزرهم قبل ذلك وأنذرهم بأنه لا يقاتلهم حتى يقاتلوا أو يحدثوا فسادًا فلما فعلوا كان من البديهي أن يقاتلهم، وهو أفقه من أتباعه فهو من كبار فقهاء الصحابة ومع ذلك فلا ضير في حث أتباعه له على قتال الخوارج =

<<  <  ج: ص:  >  >>