للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٧٥ - وممّا يصحِّحه أيضًا ما حدّثني به عُمارة الأسديّ، قال: حدَّثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا نعيم، قال: حدّثني أبو مريم أن شَبَث بنَ رِبْعيّ وابن الكوّاء خرَجَا من الكُوفة إلى حَروراء، فأمر عليٌّ الناسَ أن يخرجوا بسلاحهم، فخرجوا إلى المسجد حتى امتلأ بهم، فأرسل إليهم: بئسَ ما صنعتمْ حين تدخلون المسجدَ بسلاحكم! اذهَبوا إلى جبّانة مُراد حتى يأتيَكم أمري.

قال أبو مريم: فانطلقْنا إلى جبانة مُراد فكنّا بها ساعة من نهار، ثم بلغَنا أن القوم قد رجعوا وهم زاحفون. قال: ففلت: أنطلق أنا حتى أنظرَ إليهم، فانطلقت حتى أتخلّل صفوفَهم، حتى انتهيت إلى شَبَث بن رِبعيّ وابن الكوّاء وهما واقفان متورّكان على دابّتيهما، وعندهما رسل عليٍّ وهم يناشدونَهما الله لمّا رجعا بالناس! ويقولون لهم: نعيذكم بالله أن تعجَلوا بفتنة العام خشية عام قابل. فقام رجل إلى بعض رسل عليّ فعقر دابته، فنزل الرجل وهو يسترجع، فحمل سرجَه، فانطلق به وهم يقولون: ما طلبُنا إلا منابذتهم، وهم يناشدونهم الله، فمكثنا ساعة، ثم انصرفوا إلى الكُوفة كأنه يوم فِطْر أو أضحَى.

قال: وكان عليٌّ يحدّثنا قبل ذلك: أنّ قومًا يَخرجون من الإسلام يَمرُقون


= ففيهم من فقهاء الصحابة الكبار كعبد الله بن عباس حبر الأمة رضي الله عنهم أجمعين، وَكذلك زاد أبو مخنف في روايته: (فإذا فرغنا مما بيننا وبينهم سرنا إلى عدونا من أهل الشام) فلم ترد عند ابن أبي شيبة ولا في رواية الطبري (٥/ ٨١). والذي يزيدنا شكًّا في هذه الزيادة: أن عليًّا رضي الله عنه كان في هدنة مع معاوية رضي الله عنه فلماذا هذا التذكير بجيش الشام في هذه المناسبة بالذات وتسميتهم بالعدو، ومن عادة أبي مخنف أن يكيل التهم في رواياته إلى جيش معاوية ويصفهم بأسوأ الألقاب، والأرجح أن عليًّا رضي الله عنه كان يرغب في حقن دماء المسلمين فلما رضي الطرفان بتحكيم كتاب الله والهدنة اعتبر علي رضي الله عنه توقف القتال وحقن دماء المسلمين فتحاكما عند ابن أبي شيبة، ورواية مسلم في صحيحه تؤكد ما رجحنا وخلاف ما جاء في رواية أبي مخنف (فإذا فرغنا مما بيننا وبينهم سرنا إلى عدونا بالشام) بينما رواية مسلم تؤكد: أن عليًّا هو الذي طلب منهم التوجه إلى قتال الخوارج بدلًا من التوجه إلى قتال الشام كما ذكرنا في قسم الصحيح عند سرد الروايات الواردة في قصة الخوارج، والله تعالى أعلم.
وكان غير أبي مخنف يقول: كانت الوقعة بين عليّ وأهل النّهر سنة ثمان وثلاثين، وهذا القول عليه أكثرُ أهل السِّيَر.

<<  <  ج: ص:  >  >>