للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= رآه انتقع لونه) (الطبقات الكبرى ٣/ ٢٥٤) أي حينما رأى عمرو بن العاص جثمان عمار تغيّر لونه واصفر.
٣ - ونقول لأهل البدع وأعداء التأريخ الإسلامي: وإذا لم يكفكم هذا فإليكم آخر: فكما أن عليًّا رضي الله عنه تألم لمقتل الزبير الذي كان في الصف المقابل وعندما دخل قاتل الزبير بشره علي بنار جهنم (وذلك بعد انتهاء معركة الجمل)؛ فكذلك عمرو بن العاص عندما جاءه رجلان يدّعي كل منهما أنه قتل عمارًا ظنًّا منهما أن الصحابي الجليل عمرو بن العاص سيكافئهما، ولكن خاب ظنهما فما أن رآهما عمرو يختصمان حتى بشرهما بالنار، فقد أخرج الحاكم في مستدركه (٣/ ٣٨٦) حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ ثنا يحيى بن محمد بن يحيى، ثنا عبد الرحمن بن المبارك ثنا المعتمد بن سليمان عن أبيه عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو أن رجلين أتيا عمرو بن العاص يختصمان في دم عمار بن ياسر وسلبه، فقال عمرو بن العاص: يختصمان في دم عمار بن ياسر وسلبه، فقال عمرو: خفيا عنه فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (اللهم أولعت قريش بعمار إن قاتل عمار وسالبه في النار) قال الحاكم: وتفرّد به عبد الرحمن بن المبارك وهو ثقة مأمون عن معتمر عن أبيه، فإن كان محفوظًا فإنه صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
٤ - وأخيرًا وليس آخرًا وقطعًا لدابر الشك نذكّر القارئ الكريم بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للحسن بن علي: "إن ابني هذا سيد ولعل الله يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين" وهذا حديث صحيح أخرجه البخاري (فتح الباري ٥/ ٣٦١) وهذا دليل قطعي على أن الطرفين (وإن بغى أحدهما) لم يخرجا من دائرة الإسلام والإيمان بنص الكتاب والسنة.
٥ - وأخيرًا وليس آخرًا فقد صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوله: (تمرق مارقة عند فرقة من الناس تقتلهما أولى الطائفتين بالحق) صحيح مسلم (٧/ ١٦٧) وفي رواية أخرى: (تمرق مارقة من الناس يلي قتلهم أولى الطائفتين بالحق) صحيح مسلم (٧/ ١٦٨).
وهذا يعني أن كل طائفة كانت على الحق إذا كان بمعنى الإسلام والتوحيد، ولكن إحداهما كانت أقرب إلى الحق بمعنى اتخاذ القرار الصائب شرعًا وهو ما كان عليه علي والمصلحون من أصحابه كما قال عمار، أما مثيرو الفننة والسبئية فليسوا منهم، ولم تمض فترة قليلة حتى كشف الله زيف كثير منهم فخرجوا على علي رضي الله عنه فقاتلهم وانتصر عليهم، وهذا يعني أيضًا أن طائفة علي كانت أقرب إلى الحق بمعنى الصواب في اتباع أمير المؤمنين وعدم الخروج عليه، وكانت طائفة معاوية مخطئة في اجتهادها فلم تصب الصواب بخروجها على ولي الأمر الشرعي.
ولقد أدرك سيدنا معاوية بعد ذلك أنه أخطأ وكان جوابه لمن اعترض عليه (كالمسور بن مخرمة) بأنه أخطأ ولكنه يرجو ربًا غفورًا أن يغفر له ويعفو عنه، وكذلك ندم عمرو بن العاص ندمًا شديدًا وظل كذلك طوال حياته ولم يَنْسَ حتى وهو ينازع سكرات الموت فيثني على =

<<  <  ج: ص:  >  >>