وحدثنا عبد الرحمن قال: نا أبو عوانة عن داود بن عبد الله الأودي عن حميد بن عبد الرحمن قال: دخلنا على رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين استخلف يزيد بن معاوية فقال: أتقولون إن يزيد ليس بخير أمة محمد، لا أفقه فيها فقهًا ولا أعظمها فيها شرفًا؟ قلنا: نعم. قال: وأنا أقول ذلك، ولكن والله لئن تجتمع أمة محمد أحب إلي من أن تفترق، أرأيتم بابًا لو دخل فيه أمة محمد وسِعهم، أكانَ يعجز عن رجل واحد لو دخل فيه؟ ! قلنا: لا. قال: أرأيتم لو أن أمة محمد قال كل رجل منهم لا أهريق دم أخي، ولا آخذ ماله، أكان هذا يسعهم؟ قلنا: نعم. قال: فذلك ما أقول لكم. ثم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يأتيك من الحياء إلا خير" (تأريخ خليفة / ٢١٧). قلنا: ورجال هذا الإسناد رجال الصحيح غير داود بن عبد الله الأودي وهو ثقة، مجدع الأطراف (البداية والنهاية ٨/ ٨٣). قلنا: وإن كان إسناد هذا القول إلى معاوية صحيحًا فهو بيت القصيد وفي رواية أخرى ذكرها الهيثمي في مجمع الزوائد (٤/ ٢٨٧) عن ابن سيرين وقال رجاله رجال الصحيح وخلاصته أن عمرو بن حزم الأنصاري استأذن على معاوية ثم دار بينهم حوار حول من الأولى بالحكم بعد معاوية هل أبناء الصحابة المعروفون ومنهم علية القوم الذين نالوا شرف الصحبة حين كانوا في مقتبل عمرهم (كعبد الله بن عمر وابن الزبير والحسين بن علي وعبد الرحمن بن أبي بكر). وتحدث معه عمرو بكل صراحة ووضوح أداءً منه لفريضة النصح لإمام المسلمين وعامتهم وتقبل معاوية هذا النصح الجريء وأبدى قناعاته قائلًا (وإنه لم يبق إلا ابني وأبناؤهم، فابني أحق من أبنائهم). قلنا: وهذا يعني أنه - رضي الله عنه - كان يرى ابنه أولى بالحكم منهم وبالإضافة إلى حرصه على جمع المسلمين على رجل من بعده يحفظ للأمة المسلمة أمانها وأمنها فوقع اختياره على ابنه يزيد ولم يصب في اجتهاده. وكان معاوية يدعو ربه قائلًا (اللهم إن كنت تعلم أني وليته لأنه فيما أراه أهلًا لذلك، فأتم له ما وليته وإن كنت وليته لأني أحبه فلا تتم ما وليته). ولقد بيّن الإمام الذهبي اسم هذا الصحابي الذي روى عنه حميد بن عبد الرحمن الحميري إذ قال الذهبي رحمه الله: وقال حميد بن عبد الرحمن: دخلنا على بشير وكان صحابيًّا حين استخلف يزيد فقال: يقولون إنما يزيد ليس بخير أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - وأنا أقول ذلك، ولكن يجمع الله أمة محمد أحب إليّ من أن تفترق. (تأريخ الإسلام / عهد معاوية / ١٦٩). =