أخرجه أبو يعلى في مسنده (ح ٧١٧٤) وقال الهيثمي: رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح. (مجمع الزوائد (٧/ ٢٤٩ / ح ١٢٠٧٨). قلنا وهذه الرواية تؤكد مقولتنا السابقة من أن ذلك التاريخ تاريخ عقيدة، فالخوف من الجليل هو الذي دفع هذا الصحابي الجليل أن يقطع تلك المسافات الطويلة ليقول للخليفة ما يراه واجبًا عليه امتثالًا لقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: "الدين النصيحة قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم". ذكر الطبري رواية وضعناها في قسم الضعيف وهي (٥/ ٣٤٦ - ٣٤٧)، وهي من طريق الواقدي المتروك، ولم نجد لأغلب المتن ما يؤيده وفيه من تلفيقات الواقدي ما فيه فذكرنا الرواية في قسم الضعيف ولكن ورد ضمن السياق متن مرفوع صحيح، وإن كان السند بهذه الحالة ضعيف وهو عن أبي شريح مرفوعًا، فقد أخرج البخاري في صحيحه [كتاب جزاء الصيد (ح ١٨٣٢)] من طريق المقبري عن أبي شريح العدوي أنه قال لعمرو بن سعيد وهو يبعث البعوث إلى مكة: ائذن لي أيها الأمير أحدثك قولًا قام به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الغد من يوم فتح مكة فسمعته أذناي ووعاه قلبي وأبصرته عيناي حين تكلم به "إنه حمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دمًا ولا يعضد بها شجرة فإن أحدٌ ترخص لقتال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقولوا: إن الله أذن لرسوله - صلى الله عليه وسلم - ولم يأذن لكم، وإنما أذن لي ساعة من نهار وقد عادت حرمتها كحرمتها بالأمس وليبلغ الشاهد الغائب" فقيل لأبي شريح: ما قال لك عمرو؟ قال: قال: أنا أعلم بذلك منك يا أبا شريح إن الحرم لا يعيذ عاصيًا ولا فارًا بدم ولا فارًا بخزية. قلنا: والحديث أخرجه أحمد (ح ١٦٣٧٧) وفي أوله: لما بعث عمرو بن سعيد إلى مكة بعثه يغزو ابن الزبير أتاه أبو شريح فكلمه وأخبره بما سمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... الحديث. وليس في الروايات الصحيحة تفاصيل هزيمة جيش عمرو بن الزبير ولا أسره وما إلى ذلك مما ذكرها الواقدي مع مبالغاته وأوهامه المعروفة. (١) ثم أخرج الطبري رواية مطولة في هذه الحادثة ذكرناها في قسم الضعيف (٥/ ٣٤٧ - ٣٤٩) ففي إسنادها مجهول وضعيف وفي متنها ما يخالف الرواية الصحيحة الأخرى التي أخرجها الطبري نفسه بعد صفحات كما سنذكر.