له: انطلقْ، الأميرُ يدعوك، فقال: اعقدا لي عقدًا؛ فقالا: ما نملك ذاك؛ فانطلق معهما حتى أتاه فأمر به فكُتِف ثمّ قال: هِيهْ هِيهْ يا بن خليّة - قال الحسين في حديثه: يا بن كذا - جئتَ لتنزعَ سلطاني! ثم أمر به فضربتْ عنقُه. قال حصين: فحدّثني هلال بن يساف أن ابن زياد أمر بأخذ ما بين واقصةَ إلى طريق الشأم إلى طريق البصرة، فلا يدَعون أحدًا يلِج ولا أحدًا يخرج، فأقبل الحسين ولا يشعر بشيء حتى لقيَ الأعراب، فسألهم، فقالوا: لا والله ما ندري، غير أنا لا نستطيع أن نلِجِ ولا نخرج، قال: فانطلق يسير نحوَ طريق الشأم نحو يزيد، فلقيتْه الخيول بكرْبَلاء، فنزل يناشدهم الله والإسلام، قال: وكان بعث إليه عمر بن سعد وشَمر بن ذي الجَوْشن وحُصين بن تميم، فناشَدهَم الحسين اللهَ والإسلامَ أن يسيّروه إلى أمير المؤمنين، فيضع يده في يده، فقالوا: لا، إلا على حكم ابن زياد؛ وكان فيمن بعث إليه الحُرّ بن يزيد الحَنظلَيّ ثم النَّهْشَليّ على خيل، فلما سمع ما يقول الحسين قال لهم: ألا تقبلون من هؤلاء ما يَعرِضون عليكم! والله لو سألكم هذا التُّرك والدَّيلم ما حلّ لكم أن تردّوه! فأبَوْا إلا على حكم ابن زياد، فصرف الحرُّ وجهَ فرسه، وانطلق إلى الحسين وأصحابه، فظنوا أنه إنما جاء ليقاتلَهم، فلما دنا منهم قلب ترسَه وسلَّم عليهم، ثمّ كرّ على أصحاب ابن زياد فقاتلهم، فقتل منهم رجلين، ثم قتِل رحمة الله عليه.
وذكر أن زُهير بن القين البَجليّ لقي الحسينَ وكان حاجًّا، فأقبل معه، وخرج إليه ابن أبي بحريّة المراديّ ورجلان آخران وعمرو بن الحجّاج ومعن السُّلميّ، قال الحصين: وقد رأيتهما.
قال الحصين: وحدّثني سعد بن عبيدة، قال: إنّ أشياخًا من أهل الكوفة لَوُقوف على التلّ يبكون ويقولون: اللهم أنزِل نصرك، قال: قلت: يا أعداء الله، ألا تنزلون فتنصرونه! قال: فأقبل الحسين يكلّم من بعث إليه ابن زياد، قال: وإني لأنظر إليه وعليه جبّة من بُرُود، فلما كلّمهم انصرف، فرماه رجلٌ من بني تميم يقال له: عمر الطُّهَويّ بسهم، فإني لأنظر إلى السهم بين كتفيه متعلِّقًا في جبّته، فلما أبوْا عليه رجع إلى مصافّه، وإني لأنظر إليهم، وإنهم لقريب من مئة رجل، فيهم لصُلب عليّ بن أبي طالب - عليه السلام - خمسة، ومن بني هاشم ستة