للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= الخروج فقلت: "لولا أن يُزْرَى بي وبك لنشبت يدي في رأسك" فقال: "لأن أقتل بمكان كذا وكذا أحب إليّ من أن أستحل حرمتها -يعني الحرم- فكان ذلك الذي تسلي نفسي عنه.
[الطبراني (ح ٢٨٥٩) ورجاله ثقات وانظر البداية والنهاية (٥/ ٦٦٥) وتاريخ الإسلام للذهبي (/ ١٠٦)].
وقال الذهبي - معقبًا على رأي ابن المسيب: "لو أن الحسين لم يخرج لكان خيرًا له" - قلت (الذهبي): وهذا كان رأي ابن عمر وأبي سعيد وابن عباس وجابر وجماعة سواهم وكلّموه في ذلك كما تقدم في مصرعه. [تاريخ الإسلام (٦٠ - ٨٠ هـ / ١٠٦)].
قلنا: وتأييدًا لكلام الذهبي الآنف الذكر نورد رواية البزار (ح ٢٦٤٣) والطبراني (ح ٦١٠) عن الإمام الشعبي قال: لمَّا أراد الحسين بن علي أن يخرج إلى أرض العراق أراد أن يلقى ابن عمر فسأله عنه فقيل إنه في أرض له فأتاه ليودعه فقال له: إني أريد العراق فقال: لا تفعل فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "خُيرتُ بين أن أكون نبيًّا ملكًا أو نبيًّا عبدًا. فقيل لي: تواضع، فاخترت أن أكون نبيًّا عبدًا" وإنك بضعة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا تخرج قال: فأبى فودعه وقال: أستودعك الله من مقتول.
وقال الهيثمي: رواه البزار والطبراني في الأوسط ورجال البزار ثقات [مجمع الزوائد (٩/ ١٩٢)].
ويورد الحافظ ابن كثير رواية أخرى في نفس المعنى إلَّا أنها تبين أن ابن عمر هو الذي لحق بالحسين يمنعه من الخروج، قال الحافظ ابن كثير: وقال غير واحد عن شبابة بن سوار قال: حدثنا يحيى بن إسماعيل بن سالم الأسدي قال: سمعت الشعبي يحدث عن ابن عمر أنه كان بمكة فبلغه أن الحسين بن علي قد توجه إلى العراق فلحقه على مسيرة ثلاث ليالٍ فقال: أين تريد؟ قال: العراق، وإذا معه طوامير وكتب، فقال: هذه كتبهم وبيعتهم؟ قال: لا تأتهم، فأبى، فقال ابن عمر: إني محدثك حديثًا، إن جبريل أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فخيره بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة ولم يرد الدنيا وإنك بضعة من رسول الله، والله ما يليها أحدٌ منكم أبدًا وما صرفها الله عنكم إلَّا للذي هو خير لكم فأبى أن يرجع، قال: فاعتنقه ابن عمر وبكى وقال: "أستودعك الله من قتيل".
وقال يحيى بن معين، حدثنا أبو عبيدة، حدثنا سليم بن حيان عن سعيد بن مينا قال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: "عجل حسين قدره والله لو أدركته ما تركته يخرج إلَّا أن يغلبني. ببني هاشم فتح هذا الأمر وببني هاشم يختم فإذا رأيت الهاشمي قد ملك فقد ذهب الزمان.
قلت (ابن كثير): وهذا مع حديث ابن عمر يدلّ على أن الفاطميين أدعياء كذبة لم يكونوا من سلالة فاطمة كما نصَّ عليه غير واحد من الأئمة على ما سنذكره في موضعه إن شاء الله. [البداية والنهاية (٦/ ٣٦٩)]. =

<<  <  ج: ص:  >  >>