للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المِرْبد، فالتَقَوْا فأقبل زياد بن عَمْرو العَتَكيّ إلى القُباع وهو في المسجد جالس على المنبر، فدخل زياد المسجدَ على فرسه؛ فقال: أيُّها الرجل. لتردّن خيلَك عن إخواننا أو لنقاتلنَّها. فأرسل القُباع الأحنفَ بنَ قيس وعمرَ بنَ عبد الرحمن المخزوميّ ليُصلحا أمرَ الناس، فأتَيَا عبد القيس، فقال الأحنف لبكْر والأزْد وللعامَّة: ألستم على بيعة ابن الزبير! قالوا: بلى، ولكنَّا لا نُسلِم إخوانَنَا. قال: فمروهم فليخرجوا إلى أيّ بلاد أحبّوا، ولا يُفسدوا هذا المِصرَ على أهله، وهم آمنون فليخرجوا حيث شاؤوا، فمشى مالكُ بن مُسِمْعَ وزيادُ بن عمرو ووجوهُ أصحابهم إلى المثنَّى، فقالوا له ولأصحابه: إنَّا والله ما نحن على رأيكم، ولكنَّا كرهنا أن تضاموا، فالحقوا بصاحبكم، فإنَّ من أجابكم إلى رأيكم قليل، وأنتم آمنون، فقَبِل المثنَّى قولَهما وما أشارا به، وانصرف. ورجع الأحنف وقال: ما غَبِنت رأيي إلا يومِي هذا، إني أتيت هؤلاء القومَ وخلَّفت بكرًا والأزد ورائي، ورجع عبّاد وقيس إلى القُباع، وشخص المثنَّى إلى المختار بالكُوفة في نفرٍ يسير من أصحابه، وأصيب في تلك الحرب سُويد بن رئاب الشَّنّيّ، وعقبة بن عشيرة الشنِّيّ، قَتَلَه رجل من بني تميم وقُتل التميميّ فَوَلَغ أخو عقبة بن عشيرة في دَم التميميّ، وقال: ثأري. وأخبر المثنَّى المختار حين قَدم عليه بما كان من أمر مالك بن مِسمعَ وزياد بن عمرو ومسيرهما إليه، وذبّهما عنه حتَّى شخص عن البصرة، فطَمع المختار فيهما، فكتب إليهما: أمَّا بعد، فاسمعا وأطيعا أوتِكما من الدنيا ما شئتما، وأضمن لكما الجنَّة، فقال: مالكٌ لزياد: يا أبا المغيرة، قد أكثر لنا أبو إسحاقَ إعطاءَنا الدنيا والآخرة! فقال زياد لمالك مازحًا: يا أبا غسَّان، أمَّا أنا فلا أقاتل نسيئةً، مَن أعطانا الدّراهَم قاتَلْنا معه، وكتب المختارُ إلى الأحنف بن قيس.

من المختار إلى الأحنف ومَن قِبَله، فسَلْم أنتم، أمَّا بعد، فويلُ أمّ ربيعةَ من مضَر، فإنّ الأحنفَ مُورد قومَه سَقَر، حيث لا يستطيع لهم الصَّدَر، وإني لا أملك ما خُطّ في القَدَر، وقد بلغني أنَّكم تسمُّونني كذّابًا.

وقد كُذّب الأنبياء من قَبْلي، ولستُ بخير من كثير منهم.

وكتب إلى الأحنف.

<<  <  ج: ص:  >  >>