ثم يستطرد في كيل التهم لابن الزبير رضي الله عنه ويقول: أن ابن الزبير تظاهر بالموت وترك خالته وحدها هدفًا للسيوف والحراب يوم وقعة الجمل. قلنا: والذي ذكره ابن كثير في البداية والنهاية خلاف ما قاله الشلبي فلم يتظاهر ابن الزبير بالموت بل جرح يومئذٍ بضعًا وأربعين جراحة ولم يوجد إلَّا بين القتلى وبه رمق ولا ندري لو كانت بأحدنا جراحة واحدة فقط فماذا يفعل؟ ثم قال شلبي: لقد لجأ عبد الله بن الزبير إلى حيلة سبق أن شرحناها وهي أن دفع الحسين ليستجيب لنداء الكوفة وهو يعرف طببعة الغدر في رجالها وطبيعة الخيانة وسقط الحسين فقوي الأمل في نفس عبد الله. ولقد بينا أثناء حديثنا عن موقف الصحابة من مسير الحسين رضي الله عنه إلى العراق أن تلك المقولة غير صحيحة فهي من رواية التالف الهالك أبي مخنف ورواية أخرى في إسنادها مجاهيل. وذكرنا في حينها رواية الإمام النسوي ورجال إسنادها ثقات وفيها أن ابن الزبير نهى الحسين عن المسير إلى العراق فماذا يقول شلبي؟ وفي الصفحة (٢١٩) يتحدث الشلبي عن الظروف التي جنى ثمارها ابن الزبير كوقعة كربلاء ثم وقعة الحرة، وحرق الكعبة بالمنجنيق كل ذلك زاد السخط العام على يزيد ومن بعده مروان. ونحن لا ننكر هذه العوامل التي ذكرها الشلبي وهي كما قال ولكن لسنا موافقين له في قوله: "فلما مات يزيد وانقسم الأمويون على أنفسهم حانت للرجل الرابض في مكة الفرصة التي ينتظرها فتلقاها وبنى مجده على أساسها ومن الواضح أنه لم يخرج مرة لقيادة جيش ولم يجازف مرة ليحمي ما حصل عليه من ملك كما سنرى فيما بعد موقفه مع الحصين بن نمير وإنما بقي في مكة. قلنا: إن كان يعني بقوله: (لم يخرج مرة لقيادة جيش) أنه لم يشارك في قيادة معركة بصورة عامة فهذا غلط تاريخي كبير وشجاعة ابن الزبير في قيادة طلائع الجيش الفاتح في بعض مناطق المغرب واضحة للعيان وقد ذكرها ابن كثير في البداية والنهاية مسندًا، وبين أنه دخل قلب جيوش البربر وقضى على مَلِكِهم ومُلْكِهم وإن كان الأستاذ الشلبي يعني بذلك أنه لم يخرج من مكة أثناء الحصار ليقود الجيش فتلك خطته الحربية ولكل قائد خطة دفاعية كانت أو هجومية وليس ذلك بدليل على جُبْنِه حاشاه =