له المهلَّب رجلًا من أصحابه ببلاء حسن إلا صدّقة الحجّاج بذلك، فحملَهَم الحجّاج وأحسَنَ عطاياهم، وزاد في أعطياتهم، ثمّ قال: هؤلاء أصحاب الفِعال، وأحقّ بالأموال، هؤلاء حُماةُ الثغور، وغيظ الأعداء.
قال هشام عن أبي مخنَف: قال يونسُ بن أبي إسحاق: وقد كان الحجّاج ولّى المهلَّب سِجستان مع خُراسان، فقال له المهلّب: ألا أدلّك على رجل هو أعلَم بسجستان منّي، وقد كان ولي كابُل وزابُل، وجباهم وقاتَلَهم وصالحهَم؟ قال له: بلى، فمن هو؟ قال عبيد الله بن أبي بَكْرة.
ثمّ إنه بعث المهلّب على خُراسان وعبيد الله بن أبي بَكْرة على سجستان، وكان العامل هنالك أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية، وكان عاملًا لعبد الملك بن مَرْوان، لم يكن للحجاج شيءٌ من أمره حين بُعث على العراق حتى كانت تلك السنة، فعزلَه عبدُ الملك وجمع سلطانه للحجّاج، فمضى المهلب إلى خُراسان، وعبيد الله بن أبي بكرة إلى سجستان، فمكث عُبيد الله بن أبي بَكْرة بقية سنته.
فهذه رواية أبي مخنَف عن أبي المخارق، وأما عليّ بن محمد فإنه ذكر عن المفضل بن محمد أن خُراسان وسجستانَ جُمعتا للحجّاج مع العراق في أول سنة ثمان وسبعين بعد ما قتل الخوارج، فاستعمل عبيد الله بن أبي بَكْرة على خراسان، والمهلّب بن أبي صفرة على سجستان، فكره المهلب سجستان، فلقيَ عبد الرحمن بن عبيد بن طارق العَبْشَميّ - وكان على شُرْطة الحجاج - فقال: إنَّ الأمير ولّاني سجستان، وولى ابنَ أبي بَكْرة خُراسان، وأنا أعرَف بخراسان منه، قد عرفتها أيام الحَكَم بن عمرو الغِفاريّ، وابنُ أبي بَكْرة أقوى على سجستان منّي، فكلِّم الأمير يحوّلني إلى خُراسان وابن أبي بَكْرة إلى سجستان؛ قال: نعم، وكلِّم زاذان فَرُّوخ يُعينُني؛ فكلمه، فقال: نعم، فقال عبد الرحمن بن عبيد للحجّاج: وليتَ المهلب سجستان وابن أبي بَكْرة أقوى عليها منه، فقال زاذان فَرّوخ: صَدَق، قال: إنّا قد كتبنا عهدَه؛ قال زاذان فروخ: ما أهْوَن تحويل عهدهِ! فحوّل ابن أبي بكرة إلى سجستانَ، والمهلّب إلى خُراسان، وأخذ المهلّب بألف ألف من خَراج الأهواز، وكان ولاها إيّاه خالد بن عبد الله، فقال المهلب لابنه المغيرة: إنّ خالدًا ولّاني الأهواز، وولّاك