أبْرَشَهْر وبيورْد وسرْخس وهرَاةَ على قتيبة، سار بالناس إلى مَرْوَروذ واستَخلَف على الحرب حمّاد بن مسلم، وعلى الخَراج عبد الله بن الأهتم. وبلغ مَرزُبان مَرْوَروذ إقبالُه إلى بلاده، فَهَرَب إلى بلاد الفُرْس. وقَدِم قتيبة مَرْوَروذ فأخذ ابنين له فقَتَلهما وصلَبهما، ثمّ سار إلى الطالقان فقام صاحبُها ولم يحاربْه، فكفّ عنه، وفيها لصوص، فقتلهم قتيبة وصلبهم، واستعمل على الطالقان عمرو بن مسلم، ومضى إلى الفارياب، فخرج إليه ملك الفارياب مُذْعنًا مقرًّا بطاعته، فرضيَ عنه، ولم يقتل بها أحدًا، واستعمَل عليها رجلًا من باهلة، وبلغ صاحبُ الجُوزجان خبرُهم، فترك أرضَه وخَرَج إلى الجبال هاربًا، وسار قتيبةُ إلى الجُوزجان فلقيه أهلها سامعين مطيعين، فقَبل منهم، فلم يَقتُل فيها أحدًا، واستعمل عليها عامرَ بنَ مالك الحمّانيّ، ثمّ أتى بَلْخ فلقيَه الأصبهبَذ في أهلِ بَلْخ، فدخلها فلم يُقِم بها إلّا يومًا واحدًا.
ثم مضى يَتبع عبدَ الرحمن حتى أتى شعب خُلْم، وقد مضى نيزَك فعسكَر ببَغْلان، وخلف مُقاتلةً على فم الشّعب ومَضايقِه يمنعونه، ووضع مقاتِلَةً في قَلْعة حصينة من وراء الشِّعب، فأقام قتيبة أيّامًا يقاتلهم على مَضِيق الشِّعب لا يقدر منهم على شيء، ولا تقدِر على دخوله، وهو مَضيقٌ، الوادي يجري وسَطه، ولا يَعرف طريقًا يُفضي به إلى نِيزَك إلا الشِّعب أو مفازة لا تحتَمل العساكر، فبقي متلدِّدًا يلتمس الحيَل.
قال: فهو في ذلك إذْ قَدِم عليه الرّوب خان مَلِك الرّوب وسمنْجان، فاستأمَنَه على أن يدلّه على مَدخَل القَلْعة التي وراءَ هذا الشِّعب، فآمنه قتيبة، وأعطاه ما سأله، وبعث معه رجالًا ليلًا، فانتهى بهم إلى القَلْعة التي من وراء شِعْب خُلْم، فطرَقُوهم وهم آمنون فقتَلوهم، وهرب مَنْ بقيَ منهم ومن كان في الشِّعب، فدخل قتيبة والناسُ الشِّعب، فأتى القلعة ثمّ مضى إلى سِمنْجان ونيزَك ببغْلان بعين تدعى فَنْج جاه، وبين سِمنْجان وبَغْلان مفازة ليست بالشديدة.
قال: فأقام قتيبة بسمنْجانَ أيامًا، ثمّ سار نيزَك، وقدّم أخاه عبد الرحمن، وبلغ نيزَك فارتحَل من منزله حتى قطع وادي فَزغانة، ووجّه ثقلَه وأمواله إلى كابُل شاه، ومضى حتى نَزلَ الكرْز وعبد الرّحمن بن مسلم يَتبعه، فنزل عبدُ الرحمن وأخذ بمضايق الكرز، ونزل قُتيبة أسكيمشت بينه وبين عبد الرحمن فَرْسخان،