لأحد عليه طاعة. قال: صدقتَ ويْحك، فمن لها قال: رجلٌ أعلَمه لم تُسمّه، قال: فمن هو؟ قال لا أبوح باسمه إلا أن يَضمَن لي أميرُ المؤمنين ستر ذلك. وأن يُجيرَني منه إنْ علم؛ قال: نعم، سَمّه مَن هو؟ قال: يزيدُ بن المهلب؛ قال: ذاك بالعراق، والمُقام بها أحبّ إليه من المقام بخُراسان، قال: قد علمتُ يا أميرَ المؤمنين، ولكن تُكرِهه على ذلك، فيَستخلف على العراق رجلًا ويسير؛ قال: أصبتَ الرأيَ. فكَتَب عهدَ يزيد على خُراسان، وكتب إليه كتابًا: إن ابنَ الأهتم كما ذكرتَ في عَقْلِه ودينه وفضله ورأيه. ودفع الكتابَ وعَهْد يزيدَ إلى ابن الأهتم، فسار سَبْعًا. فقدم على يزيدَ فقال له: ما وراءك؟ قال: فأعطاه الكتاب، فقال: ويحك! أعندَك خير؟ فأعطاه العهد، فأمر يزيدُ بالجهاز للمسير من ساعته، ودعا ابنه مخلَدًا فقدّمه إلى خراسان. قال: فسار من يومِه، ثمّ سار يزيدُ واستخلف على واسطَ الجَرّاح بنَ عبد الله الحَكَميّ، واستعمَل على البَصْرة عبدَ الله بن هلال الكلابيّ، وصيّر مروانَ بن المهلب على أموالِه وأمورِه بالبَصرة، وكان أوثَقَ إخوتِه عندَه، ولمروان يقول أبو البَهاء الإياديّ:
رأيتُ أبا قبيصةَ كلَّ يومٍ ... على العَلَّاتِ أكرَمَهُمْ طِبَاعَا
إذَا ما هُمْ أَبوْا أن يَسْتطيعوا ... جسِيمَ الأَمْرِ يحْمِل ما اسْتَطَاعَا
وفي هذه السنة شَخَص يزيدُ بن المهلّب إلى خُراسانَ أميرًا عليها، فذكر عليّ بن محمد عن أبي السريّ المروزي الأزْديّ، عن عمه، قال: وليَ وكيع خُراسان بعد قتل قُتيبةَ تسعةَ أشهر أو عشرة. وقدم يَزيدُ بن المهلب سنة سبع وتسعين (١). (٦: ٥٢٨).
قال عليّ: فذَكَر المفضّل بن محمد عن أبيه، قال أدنَى يزيدُ أهلَ الشأم وقومًا من أهل خراسان، فقال نهارُ بن تَوْسِعة:
وما كنَا نُؤمِّلُ من أَمِيرٍ ... كما كُنَّا نؤمّلُ من يزيدِ
(١) وقال خليفة: مات الوليد وعليها (أي: خراسان) قتيبة بن مسلم فخلع سليمان فقتل قتيبة وتولى أمر الناس وكيع بن أبي الأسود الفدّاني فعزله يزيد بن المهلب وولى ابنه مخلد بن يزيد ثم قدمها يزيد ثم شخص واستخلف ابنه مخلدًا حتى مات. (ص ٣٢٤).