أحد، ومَنَعوا ذلك الطريق، فلم يكن يسلُك طريقَ خُراسانَ منِ ناحيته أحدٌ إلا على وَجَل وخَوْف من أهلِ جُرْجان؛ كان الطريق إلى خُراسان من فارسِ إلى كَرمان، فأوّل من صيّر الطريقَ من قومس قُتيبة بن مسلم حينَ وليَ خُراسان. ثم غزا مصقَلة خُراسانَ أيام معاويةَ في عشرة آلاف، فأصيب وجنده بالرُويَان، وهي متاخمةُ طبَرسْتان فهلكوا في وادٍ من أوديَتها، أخَذ العدوّ عليهم بمضايِقه، فقتلُوا جميعًا، فهو يُسمَّى وادي مصقَلة.
قال: وكان يُضرَب به المَثَل: حتى يَرجعَ مصقلة من طَبرسْتان، قال عليّ عن كُليب بن خَلَف العَمّى عن طُفَسا بن مرْداس العميّ وإدريس بن حَنْظلة: إنّ سعيدَ بنَ العاص صالح أهل جُرْجان، فكانوا يجيئون أحيانًا مئة ألف، ويقولون: هذا صلحنا، وأحيانًا مئتي ألف، وأحيانًا ثلثمئة ألف؛ وكانوا ربما أعطوا ذلك، وربما منَعوه، ثم امتنعوا وكَفَروا فلم يُعطُوا خَراجًا، حتى أتاهُم يزيدُ بن المهلب فلم يُعازّه أحدٌ حين قَدِمها، فلما صالح صول وفتح البُحيرة ودهستان صالح أهلَ جُرْجَانَ على صُلْح سعيد بن العاص. (٦: ٥٣٦).
حدّثني أحمد عن علي، عن كُلَيب بن خَلَف العمي، عن طُفيل بن مِرْداس، وبشر بِن عيسى عن أبي صَفْوان، قال علي: وحدّثني أبو حفص الأزْديّ عن سليمان بن كثير، وغيرهم؛ أنّ صولا التركيّ كانَ ينزل دهستان والبُحيرة - جزيرة في البَحْر بَينَها وبين دهستان خمسة فراسخ، وهما من جُرجَان مما يلي خُوارَزم - فكان صول يُغير على فيروزَ بن قول، مَرْزبان جُرْجان، وبينهم خمسة وعشرون فَرْسخًا، فيصيب من أطرافهم ثمّ يرجع إلى البُحيرة ودهسْتان، فوقع بين فَيروز وبينَ ابن عمّ له يقال له المرْزُبان منازعة، فاعتَزَله المَرْزُبان، فنزل البياسان، فخاف فيروز أن يُغيرَ عليه الترك، فخرج إلى يزيد بن المهلب بخُراسان، وأخذ صُول جُرْجان، فلما قَدِم على يزيدَ بن المهلب قال له: ما أقدَمك؟ قال: خفتُ صُولا، فهَرَبْتُ منه، قال له يزيد: هل من حيلة لقتاله؟ قال: نعم، شيء واحد، إن ظفرتُ به قتلتُه، أو أعطى بيده، قال: ما هُوَ؟ قال: إن خرَج مِنْ جرجان حتى يَنزِل البُحَيرة، ثم أتيتَهُ ثَمَّ فحاصرْتَهُ بها ظفرتَ به، فاكتب إلى الإصبهبذ كتابًا تسأله فيه أن يحتال لصول حتى يقيمَ بجُرْجان، واجعلْ له على ذلك جُعْلًا، ومنِّه، فإنه يبعث بكتابك إلى صول يتقرّبُ به إليه لأنه يعظمه،