للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرزق مقسوم فلن يغدر المؤمن ما قسم له، فأجملوا في الطلب، فإنّ في القنوع سَعة وبُلْغة وكَفافًا، إن أجل الدنيا في أعناقكم، وجهنم أمامكم، وما ترون ذاهب، وما مضى فكأن لم يكن، وكلٌّ أمواتٌ عن قريب، وقد رأيتم حالات الميت وهو يسوق؛ وبعد فراغه وقد ذاق الموت، والقوم حوله يقولون: قد فرغ رحمه الله! وعاينتم تعجيل إخراجه، وقسمة تُراثه ووجهه مفقود، وذكره منسيّ، وبابه مهجور، وكأن لم يخالط إخوان الحفاظ، ولم يعمر الديار، فاتّقوا هول يوم لا تُحْقر فيه مثقال ذرّة في الموازين.

روى سهل بن محمود؛ قال: حدَّثنا حرملة بن عبد العزيز، قال: حدّثني أبي، عن ابن لعمر بن عبد العزيز، قال: أمرنا عمرُ أن نشتري موضع قبره، فاشتريناه من الراهب، قال: فقال بعض الشعراء:

أَقولُ لما نَعى النَّاعُونَ لي عمَرا ... لا يَبعَدَنَّ قِوامُ العدْل والدِّين

قَدْ غادَرَ القومُ باللحد الذي لحدوا ... بِدَير سَمْعَان قسطاسَ الموازِينِ (١)

(٥٦٨: ٦ - ٥٧٢).

روى عبد الرحمن بن مهديّ، عن سفيان، قال: قال عمر بن عبد العزيز: من عمل على غير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح، ومَنْ لم يعدّ كلامه من عمله كثرت ذنوبه، والرّضا قليل، ومُعَوَّل المؤمن الصبر، وما أنعم الله على عبد نعمةً ثم انتزعها منها فأعاضه مما انتزع منه الصبر إلا كان ما أعاضه خيرًا مما انتزع منه، ثم قرأ هذه الآية: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيرِ حِسَابٍ}.

وقدم كتابُه على عبد الرحمن بن نعيم:

لا تهدموا كنيسة ولا بيعة ولا بيت نار صولحتم عليه، ولا تُحدثنّ كنيسة ولا بيت نار، ولا تجرّ الشاة إلى مذبحها، ولا تحدّوا الشَّفرة على رأس الذّبيحة، ولا تجمعوا بين الصلاتين إلا من عُذْر. (٥٧٢: ٦).


(١) ويؤيد رواية الطبري ما أخرجه ابن سعد (٥: ٤٠٥) قال: أخبرنا حميد بن عبد الرحمن الدواسي ومحمد بن عبد الله الأسدي ومعن بن عيسى والعلاء بن عبد الجبار قالوا: ثنا محمد بن مسلم الطائفي عن إبراهيم بن ميسرة أن عمر بن عبد العزيز اشترى موضع قبره قبل أن يموت بعشرة دنانير.

<<  <  ج: ص:  >  >>