للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوسف أن أشخِصْ زيدًا إلى بلده، فإنه لا يقيم ببلد غيره فيدعُوَ أهله إلا أجابوه، فأشخصه، فلما كان بالثعلبيَّة -أو القادسية- لحقه المشائيم -يعني أهل الكوفة- فردُّوه وبايعوه، فأتاه سلمة بن كُهيل، فاستأذن عليه، فأذن له، فذكر قرابته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحقه فأحسن. ثم تكلم زيد فأحسن، فقال له سلمة: اجعل لي الأمان، فقال: سبحان الله! مثلك يسأل مثلي الأمان! وإنما أراد سلمة أن يسمع ذلك أصحابه، ثم قال: لك الأمان، فقال: نشدتُك بالله، كم بايعك؟ قال: أربعون ألفًا، قال: فكم بايع جدَّك؟ قال: ثمانون ألفًا، قال: فكم حصل معه؟ قال ثلثمئة، قال: نشدتُك الله أنت خير أم جدّك؟ قال: بل جدّي، قال: أفقَرْنُك الذي خرجتَ فيهم خير أم القَرْن الذي خرج فيهم جدُّك؟ قال: بل القَرْن الذي خرج فيهم جدّي، قال: أفتطمع أن يفيَ لك هؤلاء، وقد غدر أولئك بجدّك! قال: قد بايعوني، ووجبت البيعة في عنقي وأعناقهم، قال: أفتأذن لي أن أخرج من البلد؟ قال: لمَ؟ قال: لا آمن أن يحدث في أمر حدثٌ فلا أملك نفسي، قال: قد أذنتُ لك، فخرج إلى اليمامة، وخرج زيد فقتل وصلب. فكتب هشام إلى يوسف يلومه على تركه سلمة بن كُهيل يخرج من الكوفة، ويقول: مقامه كان خيرًا من كذا وكذا من الخيل تكون معك (١).


(١) إن الطبري في قوله (وقال عبيد بن جناد) أمين جدًّا في نقله للخبر فهو قد اطلع على صحف ورسائل وكتب في التأريخ كثيرة وقد أجازه شيوخه في رواية كتب الأخباريين الذين لم يلقهم فشيخه عمر بن شبة هو الواسطة بينه وبين كتب المدائني وغيره وعلى ما يبدو فإنه قد اطلع على مرويات أخرى للمدائني وعبيد بن جناد وغيرهما كثير ولكن دون إجازة من شيوخه فهو يقول استنادًا إلى اطلاعه الشخصي فيتول (قال) المدائني أو (عبيد بن جناد كما ها هنا وعبيد ثقة إلا أن عطاء بن مسلم ضعيف يعتبر به وهو عند ابن حجر صدوق يخطئ كثيرًا - وقد ذكر هنا جزءًا يسيرًا من رسالة الخليفة هشام إلى وإليه على العراق يأمره فيه أن يبذل جهده في إقناع زيد بالرحيل عن الكوفة والرجوع إلى المدينة - ثم ذكر الطبري رواية أخرى مطولة في ذكر تفاصيل الرسالة التي أرسلها هشام إلى وإليه على العراق وقد ذكرنا الرواية في قسم الضعيف (٧/ ١٦٩) وقد ذكرها الطبري بلا إسناد ومتنها الطويل يخالف ما ذكره البلاذري عن هذه الرسالة التي شاهدها هو وقرأها بنفسه فقد قال البلاذري وقرأتُ في كتاب سالم كاتب هشام كتابًا نُسْخَتُه: "أما بعد فقد عرفتَ حال أهل الكوفة في حبهم أهل هذا البيت، ووضعهم إياهم في غير مواضعهم لافتراضهم على أنفسهم طاعتهم، ونحلتهم إياهم عظيم ما هو كائن مما استأثر الله بعلمه دونهم حتى حملوه على تفريق الجماعة والخروج على الأئمة، وقد قدم =

<<  <  ج: ص:  >  >>