للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي كان فيه من اللهو واللذة والركوب للصيد وشرب النبيذ ومنادمة الفُسَّاق إلا تماديًا وحدًّا - تركت الأخبار الواردة عنه بذلك كراهة إطالة الكتاب بذكرها - فثقل ذلك من أمره على رعيته وجنده، فكرهوا أمرَه.

وكان من أعظم ما جنى على نفسه حتى أورثه ذلك هلاكه إفساده على نفسه بني عفيه بني هشام وولد الوليد، ابني عبد الملك بن مروان، مع إفساده على نفسه اليمانية، وهم عُظْم جند أهل الشأم.

ذكر بعض الخبر عن إفساده بني عمّيه هشام والوليد:

حدثني أحمد بن زهير، قال: حدَّثنا عليّ، عن المنهال بن عبد الملك، قال: كان الوليد صاحبَ لهو وصيد ولذات؛ فلما ولي الأمر جعل يكره المواضع التي فيها الناس حتى قُتل؛ ولم يزل ينتقل ويتصيد، حتى ثقل على الناس وعلى جنده، واشتدّ علي بني هشام؛ فضرَب سليمان بن هشام مئة سوط وحلَق رأسه ولحيته، وغَرّبه إلى عَمّان فحبسه بها؛ فلم يزل بها محبوسًا حتى قتل الوليد.

قال: وأخذ جارية كانت لآل الوليد، فكلّمه عمر بن الوليد، فيها فقال: لا أردّها، فقال: إذن تكثر الصّواهل حول عسكرك. قال: وحبس الأفقم يزيدَ بن هشام، وأراد البيعة لابنيه الحكَم وعثمان فشاور سعيد بن بَيهس بن صُهيب، فقال: لا تفعل؛ فإنهما غلامان لم يحتلما؛ ولكن بايع لعَتيق بن عبد العزيز بن الوليد بن عبد الملك، فغضب وحبسه حتى مات في الحبس. وأراد خالد بن عبد الله على البَيعة لابنيه فأبى، فقال له قوم من أهله: أرادك أمير المؤمنين على البَيعة لابنيه فأبيتَ، فقال: ويحكم! كيف أبايع مَنْ لا أصلّي خلفه، ولا أقبل شهادته! قالوا؛ فالوليد تُقبل شهادته مع مُجونه وفسقه! قال: أمْر الوليد أمر غائب عني ولا أعلمه يقينًا؛ إنما هي أخبار الناس؛ فغضب الوليد على خالد (١).

حدّثني أحمد بن زهير، قال: حدَّثنا عليّ، عن يزيد بن مصَاد الكلبيّ، عن


(١) أحمد بن زهير ثقة وشيخه علي المدائني صدوق والمنهال ذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن حجر مقبول من الثالثة [تقريب / تر ٤٧٠٦) ومثل هذا قبلنا روايته في قسم الصحيح وبالشروط التي ذكرنا في المقدمة وكررناها مرارًا أثناء البحث.
وهذه الرواية تذكر مجونه وفسقه وبعده عن إدارة شؤون الناس وظلمه لرعيته وخاصة أقربائه وأبناء عمومته.

<<  <  ج: ص:  >  >>