للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدثني أحمد، قال: حدثنا عليّ، قال: قال ابن بشر بن الوليد بن عبد الملك: دخل أبي بشرُ بن الوليد على عمّي العباس، فكلّمه في خلع الوليد وبيعة يزيد، فكان العباس ينهاه، وأبي يرادّه، فكنت أفرح وأقول في نفسي: أرى أبي يجترئ أن يكلم عمي ويردّ عليه قوله! وكنت أرى أن الصواب فيما يقول أبي، وكان الصّواب فيما يقول عمّي، فقال العباس: يا بني مروان؛ إني أظنّ الله قد أذن في هلاككم؛ وتمثّل قائلًا:

إني أَعِيذُكُمُ باللهِ مِنْ فِتنٍ ... مثلِ الجبالِ تَسَامَى ثم تندَفعُ

إنَّ البريَّةَ قد مَلَّتْ سِياسَتكُمْ ... فاسْتَمْسِكُوا بِعَمُود الدينِ وارتَدعُوا

لا تلحِمُنَّ ذِئابَ الناسِ أنفُسَكُم ... إنَّ الذئاب إذا ما أُلحِمتْ رَتَعُوا

لا تَبْقَرُنَّ بأَيديكم بُطونَكمُ ... فثَمّ لا حَسَرةٌ تغْني ولا جَزعُ (١)

حدّثني أحمد بن زُهير، قال: حدَّثنا عليّ، قال: حدثنا عمرو بن مروان الكلبي، قال: حدّثني رَزين بن ماجد، قال: غَدَوْنا مع عبد الرحمن بنَ مصاد، ونحن زُهاء ألف وخمسمئة؛ فلما انتهينا إلى باب الجابية ووجدناه مغلقًا، ووجدنا عليه رسولًا للوليد، قال: ما هذه الهيئة وهذه العُدّة! أما والله لأعلمنّ أمير المؤمنين. فقتله رجل من أهل المِزّة، فدخلنا من باب الجابية، ثم أخذنا في زُقاق الكلبيّين، فضاق عنا، فأخذ ناس منا سوق القمح؛ ثم اجتمعنا على باب المسجد، فدخلنا على يزيد، فما فرغ آخرُنا من التَّسليم عليه؛ حتى جاءت


= أبو داود وذكره ابن حبان في الثقات (٨/ ٢٧٤ / تأريخ بغداد / ٩/ ٥١) وأبو سفيان الحميري صدوق وسط ولقد ولد سنة ١١٢ هـ كما جزم كشل صاحب تأريخ واسط / ١٧٥ / وهذا يعني أنه عاصر تلك الأحداث في الرابعة عشر من عمره ولكنه نزيل واسط ورحل إلى بغداد ولم نجد من يذكر أنه كان في الشام حين نوى الوليد الحج ودار الحوار بينه وبين القسري ولم يحضر ذلك الحوار بلا شك، وصاحبه الذي شاركه في هذه الرواية ليس بالمرضي كما قال الذهبي في الميزان وهذه طرق تتعاضد ببعضها والله أعلم.
(١) لرواية الطبري هذه ما يؤيدها فقد أخرج خليفة بن خياط قال حدثني إسماعيل بن إبراهيم قال حدثني عبد الله بن واقد الجرمي وكان شهد قتل الوليد قال: لما أجمعوا على قتل الوليد قلدوا أمرهم يزيد بن الوليد بن عبد الملك بن مروان وبايعه من أهل بيته عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك فخرج يزيد بن الوليد فأتى أخاه العباس ليلًا فشاوره في قتل الوليد فنهاه عن ذلك إلى آخر الخبر كما سنذكر بعد قليل. [تأريخ خليفة / ٢٣٧].

<<  <  ج: ص:  >  >>