للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيبانيّ في مئتين من أهل الجزيِرة؛ فيهم الضحّاك، فاغتنم قتلَ الوليد واشتغال مرْوان بالشام، فخرج بأرض كَفرْتُوثا، وخرج بِسطام البيهسيّ وهو مفارق لرأيه في مثل عِدّتهم من ربيعة، فسار كلّ واحد منهما إلى صاحبه؛ فلما تقارب العسكران وَجه سعيد بن بهدل الخَيبريّ - وهو أحد قواده، وهو الذي هزم مَرْوان - في نحو من مئة وخمسين فارسًا ليبيّته، فانتهى إلى عسكره وهم غازُون، وقد أمر كلّ واحد منهم أن يكون معه ثوب أبيض يجلّل به رأسَه، ليعرف بعضهم بعضًا، فبكّروا في عسكرهم فأصابوهم في غرّة، فقال الخيبريّ:

إن يك بسْطامٌ فإني الخَيبَرِي ... أَضْرِبُ بالسَّيف وأَحْمِي عَسْكَري

فقتلوا بِسطامًا وجميعَ من معه إلا أربعة عشر، فلحِقوا بمروان، فكانوا معه فأثبتهم في روابطه، وولّى عليهم رجلًا منهم يقال له مقاتل، ويكنى أبا النعثل، ثمّ مضى سعيد بن بهدل نحو العراق لما بلغه من تَشْتيت الأمر بها واختلاف أهل الشام، وقتال بعضهم بعضًا مع عبد الله بن عمر، والنضْر بن سعيد الحرَشيّ وكانت اليمانية من أهل الشام مع عبد الله بن عمر بالحيرة، والمضريّة، مع ابن الحرَشى بالكوفة؛ فهم يقتتلون فيما بينهم غَدوة وعشيّة.

قال: فمات سعيد بن بهدل في وجهه ذلك من طاعون أصابه؛ واستخلف الضحاك بن قيس من بعده؛ وكانت له امرأة تسمى حوْماء، فقال الخيبريّ في ذلك:

سَقى الله يا حَوْماءُ قَبْرَ ابْنِ بَهْدَلٍ ... إِذا رَحَل السارونَ لَمْ يَتَرَحَّل

قال: واجتمع مع الضَّحاك نحوٌ من ألف ثمّ توّجه إلى الكوفة، ومرّ بأرض الموصل، فاتّبعه منها ومن أهل الجزيرة نحو من ثلاثة آلاف، وبالكوفة يومئذ النَّضْر بن سعيد الحَرَشيّ ومعه المضريّة، وبالحيرة عبد الله بن عمر في اليمانية، فهم متعصبون يقتتلون فيما بين الكوفة والحيرة، فلما دنا إليه الضحاك فيمن معه من الكوفة اصطلح ابن عمر والحَرشيّ، فصار أمرهم واحدًا، ويدًا على قتال الضحاك، وخندقا على الكوفة، ومعهما يومئذ من أهل الشام نحوٌ من ثلاثين ألفًا، لهم قوّة وعدّة، ومعهم قائد من أهل قِنَّسْرِين، يقال له عبّاد بن الغُزَيِّل في ألف فارس، قد كان مروان أمدّ به ابن الحَرَشيّ، فبرزوا لهم، فقاتلوهم، فقتِل يومئذ عاصم بن عمر بن عبد العزيزِ وجعفر بن عباس الكنديّ، وهزموهم أقبح

<<  <  ج: ص:  >  >>