هزيمة، ولحق عبد الله بن عمر في جماعتهم بواسِط، وتوجّه ابنُ الحَرشيّ - وهو النّضر - وجماعة المضريّة وإسماعيل بن عبد الله القسْريّ إلى مَرْوان، فاستولى الضحاك والجزريّة على الكوفة وأرضها، وجَبَوُا السواد. ثم استخلف الضحاك رجلًا من أصحابه - يقال له مِلْحان - على الكوفة في مئتي فارس، ومضى في عظْم أصحابه إلى عبد الله بن عمر بواسط، فحاصره بها؛ وكان معه قائد من قواد أهل قِنَّسرين يقال له عطية الثعلبي - وكان من الأشدّاء - فلما تخوّف محاصرة الضّحاك خرج في سبعين أو ثمانين من قومِه متوجهًا إلى مَرْوان، فخرج على القادسيّة، فبلغ مِلْحان ممرُّه، فخرج في أصحابه مبادرًا يريده، فلقيه على قنطرة السَّيلَحِين - ومِلْحان قد تسرع في نحو من ثلاثين فارسًا - فقاتله فقتله عطية وناسًا من أصحابه، وانهزم بقيتهم حتى دخلوا الكوفة، ومضى عطية حتى لحق فيمن معه مروان (١).
وأما أبو عبيدة معمر بن المثنَّى، فإنه قال: حدثني أبو سعيد، قال: لما مات سعيد بن بَهدل المرّيّ، وبايعت الشراة للضحاك، أقام بشهرزُور وثابت إليه الصُّفْريّة من كلّ وجه حتى صار في أربعة آلاف، فلم يجتمع مثلهم لخارجيّ قطّ قبله. قال: وهلك يزيد بن الوليد وعامله على العراق عبد الله بن عمر، فانحط مروان من أرمينيَة حتى نزل الجزيرة، وولِّي العراق النَّضْر بن سعيد - وكان من قوّاد ابن عمر - فشخص إلى الكوفة، ونزل ابن عمر الحيرة، فاجتمعت المضريّة إلى النّضر واليمانية إلى ابن عمر، فحاربه أربعة أشهر، ثم أمدّ مروان النَّضْر بابن الغزيِّل، فأقبل الضحاك نحو الكوفة وذلك في سنة سبع وعشرين ومئة، فأرسل ابن عمر إلى النّضْر: هذا لا يريد غيري وغيرك، فهلمَّ نجتمع عليه [فتعاقدا عليه]، وأقبل ابن عمر، فنزل تلّ الفتح وأقبل الضّحاك ليعبر الفرات، فأرسل إليه ابن عمر حمزة بن الأصبغ بن ذؤالة الكلبي ليمنَعه من العبور، فقال عبيد الله بن العباس الكنديّ: دعه يعبر إلينا، فهو أهون علينا من طلبه. فأرسل ابن عمر إلى حمزة يكفُّه عن ذلك، فنزل ابنُ عمر الكوفة، وكان يصلي في مسجد
(١) لقد تحدثنا عن رجال هذا الإسناد في المقدمة وسيورد الطبري روايات أخرى للمقارنة ولكنها متحدة في الفحوى وهي جميعًا تحكي خروج الضحاك الخارجي وسيطرته على الكوفة وقتاله كما سيأتي.