للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمير بأصحابه، والنضر بن سعيد في ناحية الكوفة يصلِّي بأصحابه، لا يجامع ابن عمر ولا يصلي معه؛ غير أنهما قد تكافآ واجتمعا على قتال الضحاك، وأقبل الضحاك حين رجع حمزة حتى عَبَر الفرات، ونزل النُّخَيلة يوم الأربعاء في رجب سنة سبع وعشرين ومئة، فخفّ إليهم أهلُ الشام من أصحاب ابن عمر والنضر، قبل أن ينزلوا، فأصابوا منهم أربعة عشر فارسًا وثلاث عشرة امرأة. ثم نزل الضحاك وضرب عسكره، وعبَّى أصحابه، وأراح، ثم تغادوا يوم الخميس، فاقتتلوا قتالًا شديدًا، فكشفوا ابنَ عمر وأصحابَه، وقتلوا أخاه عاصمًا؛ قتله البِرْذَون بن مرزوق الشيبانيّ، فدفنه بنو الأشعث بن قيس في دارهم، وقتلوا جعفر بن العباس الكنديّ أخا عبيد الله، وكان جعفر على شرْطة عبد الله بن عمر، وكان الذي قتل جعفرًا عبد الملك بن علقمة بن عبد القيس، وكان جعفر حين رهقه عبد الملك نادى ابنَ عمّ له يقال له شاشلة، فكرّ عليه شاشلة، وضربه رجل من الصُّفْريّة، ففلق وجهه.

قال أبو سعيد: فرأيته بعد ذلك كأنّ له وجهين، وأكبّ عبد الملك على جعفر فذبحه ذبحًا، فقالت أم البرذون الصُّفْرِيّة:

نَحْنُ قَتَلْنَا عاصمًا وجَعْفَرا ... والفارِسَ الضَّبّيَّ حِينَ أَصْحَرا

ونَحْن جئنا الخَنْدق المقَعَّرا

فانهزم أصحاب ابن عمر، وأقبل الخوارج، فوقفوا على خندقنا إلى الليل ثم انصرفوا، ثم تغادينا يوم الجمعة؛ فوالله ما تتاممنا حتى هَزُمونا، فدخلنا خنادقنا، وأصبحنا يوم السبت؛ فإذا الناس يتسللون ويهربون إلى واسط، ورأوا قومًا لم يروْا مثلهم قطّ أشدّ بأسًا؛ كأنهم الأسْد عند أشبالها، فذهب ابن عمر ينظر أصحابَه، فإذا عامّتهم قد هربوا تحت الليل، ولحق عظْمهم بواسط فكان ممّن لحق بواسط النضر بن سعيد وإسماعيل بن عبد الله ومنصور بن جمهور والأصبغ بن ذؤالة وابناه: حمزة وذؤالة، والوليد بن حسان الغسانيّ وجميع الوجوه، وبقي ابن عمر فيمن بقي من أصحابه مقيمًا لم يبرح (١).


(١) وهذه هي الرواية الثانية التي أخرجها الطبري وهي من مرويات الأخباري الثقة معمر بن المثنى والذي يرويه بدوره عن شاهد عيان (أبي سعيد) ويؤيد الروايتين ما أخرجه خليفة ضمن حديثه عن وقائع سنة ١٢٧ هـ، قال خليفة: وفي هذه السنة وهي سنة سبع وعشرين ومئة مات =

<<  <  ج: ص:  >  >>