وعليها يومئذ المثنَّى بن عمران من عائذة قريش من الخوراج (١).
وحدثني أحمد بن زهير، قال: حدَّثنا عبد الوهاب بن إبراهيم، قال: حدثني أبو هاشم مخلّد بن محمد، قال: كان مَرْوان بن محمد يقاتل الخوارج بالصّفّ، فلما قتل الخيبريّ وبويع شيبان، قاتلهم مَرْوان بعد ذلك بالكراديس، وأبطل الصفّ منذ يومئذ، وجعل الآخرون يكردِسون بكراديس مَرْوان كراديس تكافئهم وتقاتلهم، وتفرَّق كثير من أصحاب الطمع عنهم وخَذلوهم، وحصلوا في نحو من أربعين ألفًا، فأشار عليهم سليمان بن هشام أن ينصرفوا إلى مدينة الموصل، فيصيِّروها ظهرًا وملجأً ومِيرةً لهم، فقبلوا رأيه، وارتحلوا ليلًا، وأصبح مروان فأتبعهم؛ ليس يرحلون عن منزل إلا نزله؛ حتى انتهوْا إلى مدينة الموصل، فعسكروا على شاطئ دِجْلة، وخندقوا على أنفسهم، وعقدوا جسورًا على دِجْلة من عسكرهم إلى المدينة؛ فكانت ميرتهُم ومرافقهم منها، وخندق مَرْوان بإزائهم، فأقام ستة أشهر يقاتلهم بكْرة وعشيّةً.
قال: وأتِيَ مَرْوان بابن أخ لسليمان بن هشام، يقال له أمية بن معاوية بن هشام، وكان مع عمه سليمان بن هشام في عسكر شيبان بالموصل؛ فهو مبارز رجلًا من فرسان مَرْوان، فأسره الرجل فأتِيَ به أسيرًا، فقال له: أنشدك الله والرحِم يا عمّ! فقال: ما بيني وبينك اليوم من رَحِم، فأمر به - وعمه سليمان وإخوته ينظرون - فقطِعَت يداه وضربت عنقه.
قال: وكتب مَرْوان إلى يزيد بن عمر بن هبيرة يأمره بالمسير من قَرْقيسيا بجميع مَن معه إلى عُبيدة بن سوّار خليفة الضَّحاك بالعراق، فلقي خيوله بعين التَّمْر، فقاتلهم فهزمهم؛ وعليهم يومئذ المثَّنى بن عمران من عائذة قريش والحسن بن يزيد؛ ثم تجمّعوا له بالكوفة بالنُّخيلة، فهزمهم، ثم اجتمعوا بالصَّرَاة ومعهم عُبيدة؛ فقاتلهِم فقتل عبيدة، وهزم أصحابه، واستباح ابن هبيرة عسكرهم، فلم يكن لهم بقيّة بالعراق، واستولى ابنُ هبيرة عليها، وكتب إليه مَرْوان بن محمد من الخنادق يأمره أن يمدّه بعامر بن ضبارة المُرّيّ، فوجَّهه في نحو من ستة آلاف أو ثمانية؛ وبلغ شيبان خبرهم ومن معه من الحَرُوريّة، فوجَّهوا