إليه قائدين في أربعة آلاف، يقال لهما ابن غوث والجَوْن، فلقوا ابن ضُبارة بالسنّ دون الموصل، فقاتلوه قتالًا شَديدًا، فهزمهم ابن ضُبارة، فلما قدم فلُّهم أشار عليهم سليمان بالارتحال عن الموصل، وأعلمهم أنه لا مقام لهم إذا جاءهم ابنُ ضبارة من خلفهم، وركبهم مروان من بين أيديهم، فارتحلوا فأخذوا على حُلْوان إلى الأهواز وفارس، ووجّه مروان إلى ابن ضُبارة ثلاثة نفر من قوّاده في ثلاثين ألفًا من روابطه؛ أحدهم مصعب بن الصّحصح الأسديّ وشقيق وعطيف [السليماني]، وشقيق الذي يقول فيه الخوارج:
قد علِمَتْ أُخْتاك يا شقيقُ ... أَنكَ مِنْ سُكْرِك ما تُفِيقُ
وكتب إليه يأمره أن يتبعهم، ولا يقلع عنهم حتى يُبِيرهم ويستأصلهم، فلم يزل يتبعهم حتى وردوا فارسَ، وخرجوا منها وهو في ذلك يستسقط مَن لحق من أخريَاتهم، فتفرّقوا، وأخذ شيبان في فرقته إلى ناحية البحرين، فقتِل بها، وركب سليمان فيمن معه من مواليه وأهل بيته السفن إلى السند، وانصرفَ مَرْوان إلى منزله من حَرّان، فأقام بها حتى شخص إلى الزّاب (١).
وأمّا أبو مخنف فإنه قال - فيما ذكر هشام بن محمد عنه - قال: أمر مروان يزيد بن عمر بن هبيرة - وكان في جنود كثيرة من الشام وأهل الجزيرة بقَرْقيسيا - أن يسير إلى الكوفة، وعلى الكوفة يومئذ رجل من الخوارج يقال له المثنَّى بن عمران العائذيّ؛ عائذة قريش، فسار إليه ابن هبيرة على الفرات حتى انتهى إلى عين التّمْر، ثم سار فلقي المثنَّى بالرّوْحاء، فوافى الكوفة في شهر رمضان من سنة تسع وعشرين ومئة، فهزم الخوارج، ودخل ابن هبيرة الكوفة ثم سار إلى الصرَّاة، وبعث شيبان عُبيدة بن سوّار في خيل كثيرة، فعسكر في شرقيّ الصرَّاة، وابن هبيرة في غربيّها، فالتقوْا، فقتل عُبيدة وعدّة من أصحابه؛ وكان منصور بن جمهور معهم في دَوْر الصراة، فمضى حتى غلب على الماهَين وعلى الجبل أجمع، وسار ابنُ هبيرة إلى واسط؛ فأخذ ابن عمر فحبسه، ووجّه نُبَاتة بن حنظلة إلى سليمان بن حبيب وهو على كُور الأهواز، وبعث إليه سليمان داود بن حاتم، فالتقوْا بالمريان على شاطئ دُجيل، فانهزم الناس، وقتل