للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما أبو عبيدة فإنه قال: لما قتِل الخيبريّ قام بأمر الخوارج شيبان بن عبد العزيز اليشكريّ، فحارب مَرْوان، وطالت الحرب بينهما؛ وابن هبيرة بواسط قد قتل عُبيدة بن سوار ونفى الخوارج ومعه رؤوس قوّاد أهل الشام وأهل الجزيرة. فوجّه عامرَ بن ضُبارة في أربعة آلاف مددًا لمرْوان، فأخذ على باب المدائن، وبلغ مسيرهُ شيبان، فخاف أن يأتيَهم مروان، فوجّه إليه الجوْن بن كلاب الشيبانيّ ليشغله، فالتقيا بالسنّ، فحصر الجون عامرًا أيامًا.

قال أبو عبيدة: قال أبو سعيد: فأحرجناهم والله، واضطررناهم إلى قتالنا؛ وقد كانوا خافونا وأرادوا الهرب منا؛ فلم ندَع لهم مسلكًا. فقال لهم عامر: أنتم ميّتون لا محالة؛ فموتوا كرامًا، فصدمونا صدمة لم يقم لها شيء، وقتلوا رئيسنا الجوْن بن كلاب، وانكشفنا حتى لحقنَا بشيبان، وابنُ ضُبارة في آثارنا؛ حتى نزل منّا قريبًا؛ وكنا نقاتل من وجهين؛ نزل ابن ضُبارة من ورائنا ممّا يلي العراق، ومَرْوان أمامنا مما يلي الشام؛ فقطع عنا المادّة والمِيرة، فغلت أسعارنا؛ حتى بلغ الرغيف درهمًا؛ ثم ذهب الرغيف فلا شيء يشترى بغالٍ ولا رخيص. فقال حبيب بن خدْرة لشيبان: يا أميرَ المؤمنين؛ إنك في ضِيق من المعاش؛ فلو انتقلت إلى غير هذا الموضع! ففعل ومضى شهرزور من أرض الموصل، فعاب ذلك عليه أصحابُه؛ فاختلفت كلمتهم (١).

وقال بعضهم: لما ولي شيبان أمر الخوارج [رجع بأصحابه] إلى الموصل فاتّبعه مروان ينزل معه حيث نزل [فقاتله شهرًا ثم انهزم] شيبان حتى لحق بأرض فارس، فوجه مروان في أثره عامر بن ضُبارة [فقطع] إلى جزيرة ابن كاوان، ومضى شيبان بمن معه حتى صار إلى عُمان، فقتله جلندَى بن مسعود بن جيفر بن جلندى الأزديّ (٢).


(١) انظر تعليقنا الآتي.
(٢) هذه عدة روايات سبقها الطبري بخلاصة من رأيه لم ينسبها إلى أحد من الأخباريين ثم روى من طريق شيخه الثقة أحمد بن زهير عن مخلد بن محمد رواية في وصف مسار المعارك بين شيبان الخارجي وجيش الخلافة ثم أخرج رواية أخرى من طريق هشام عن أبي مخنف ثم ثالثة من مرويات الأخباري النحوي الثقة أبي عبيدة (معمر بن المثنى) عن شاهد عيان للمعركة (أبي سعيد) ثم رواية رابعة نسبها إلى مبهمين وهي بمجموعها تتفق على استبسال الطرفين =

<<  <  ج: ص:  >  >>