للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= (٧/ ٤٤٢) بصيغة غير جازمة ولعلّ البعض اتخذ ذلك فرصة للطعن في الرجل فقال كون أمه أمة أو كردية سببًا من أسباب انهيار حكمه وزوال حكم بني أمية- ورووا في ذلك أخبارًا تفيد أن هلاك أو زوال دولة بني أمية على يد خليفة أمّه أمة ... إلخ، وهذا فهم آخر، وتلفيق إضافة الرواة المبتدعة إلى حقيقة الواقعة التأريخية كما سنذكر فقد أخرج الحافظ ابن عساكر رحمه الله تعالى عن الحجاج بن قتيبة أنه قال: وتفرّق عنّا الناس حتى بقيت أنا وأبو مروان ورجلًا من أصحابه ومعنا أم مروان فمشينا حتى تقطعت أرجلنا وأم مروان معنا فما أنَّت أنَّة واحدة ... إلخ الرواية / [تاريخ دمشق ٢/ ١١٢ / تر ١٢١]- ولقد علّق القاضي سعدي أبو جيب في كتابه مروان بن محمد- على رواية ابن عساكر هذه قائلًا: لنتأمل هذه الأم وقد شاهدت قتل ولدها (خليفة المسلمين) والتمثيل به وخرجت هاربة وأسرته تقطع غابات أفريقيا ومجاهلها مشيًا على الأقدام لم تئن أنّة واحدة وعهدنا بالنساء الشكوى والنواح لأقلّ نازلة / وقال سعدي كذلك:
لقد تتبعت سيرة هذه الأم فلم أعثر إلا على خبر واحد يدلّ على أنها كانت شديدة الشكيمة والعزيمة / مروان بن محمد / ٥٦ /. ونضيف إلى قول القاضي سعدي، فنقول: من مبادئ الإسلام الحنيف أن الله تعالى جعل اختلاف الأقوام والألسن آية من آياته وطلب منهم التعارف والتعاون فيما بينهم ومعلوم لدى علماء الاجتماع والتأريخ أن الله عزَّ وجلَّ خص كل قوم بصفة بارزة فالعرب في جاهليتهم عرفوا بالسخاء وكرم الضيافة والصراحة والفصاحة والترك معروفون منذ القدم بحزمهم وبأسهم والفرس بصبرهم وتدبيرهم والكرد بشجاعتهم وبأسهم وشجاعة مروان خير دليل على ذلك فقد ربته تلك الأم المسلمة الكردية فنشأ صلب العود شديد البأس والصبر في المحن كما قال الذهبي رحمه الله: وكان (أي مروان) مشهورًا بالفروسية والإقدام والرحلة [تأريخ الإسلام / ١٦/ ٥٣٤].
وقال ابن كثير: وكان شجاعًا بطلًا مقدامًا حازم الرأي لولا أن جنده خذلوه بتقدير الله عزَّ وجلَّ لما في ذلك من حكمة سلب الخلافة [البداية والنهاية / ٨/ ٤٢].
وبيت القصيد هنا الآتي: بما أن الله عزَّ وجلَّ قد رزق كل قوم خاصية حميدة أو أكثر يعرفون بها فإن اجتماع تلك الأقوام في ظل حضارة الإسلام قد أكسب البشرية ثروة غنية وتراثًا عريقًا لأن الصفات الحميدة كلها تذوب في بوتقة الإسلام والخلافة الإسلامية ولا بأس هنا أن نذكر =

<<  <  ج: ص:  >  >>