للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم رجع الحديث إلى حديث الذين ذكر عليّ عنهم قصة أبي مسلم في أول الخبر، قالوا: ولما انهزم عبد الله بن عليّ بعث أبو جعفر أبا الخصيب إلى أبي مسلم ليكتب له ما أصاب من الأموال، فافترى أبو مسلم على أبي الخصيب وهمّ بقتله، وجاء القوّاد إلى أبي مسلم، فقالوا: نحن ولينا أمر هذا الرجل، وغنِمْنا عسكره، فَلِمَ يَسأل عما في أيدينا؛ إنما لأمير المؤمنين مِنْ هذا الخُمْس؟ ! .

فلما قدم أبو الخصيب على أبي جعفر أخبره أنّ أبا مسلم همّ بقتله، فخاف أن يمضيَ أبو مسلم إلى خُراسان، فكتب إليه كتابًا مع يقطين؛ أن قد وليتك مصر والشأم؛ فهي خير لك من خُراسان، فوجّه إلى مِصر من أحببت، وأقم بالشأم فتكون بقرب أمير المؤمنين؛ فإن أحبّ لقاءك أتيتَه من قريب. فلما أتاه الكتاب غضب، وقال: هو يوليني الشأم ومصر، وخراسان لي! واعتزم بالمضيّ إلى خراسان، فكتب يقطين إلى أبي جعفر بذلك.

وأما عليّ فإنه ذكر عن شيوخه الذين تقدّم ذكرنا لهم أنهم قالوا: كتب أبو مسلم إلى أبي جعفر: أما بعد: فإني اتخذت رجلًا إمامًا ودليلًا على ما افترضه الله على خلقه؛ وكان في محلّة العلم نازلًا .. وفي قرابته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قريبًا؛ فاستجهلني بالقرآن فحرفه عن مواضعه طمعًا في قليل قد تعافاه الله إلى خلقه؛ فكان كالذي دُلّي بغرور؛ وأمرني أن أجرّد السيف، وأرفع الرحمة، ولا أقبل المعذرة، ولا أقِيل العثرة، ففعلت توطيدًا لسلطانكم حتى عرَّفكم الله من كان جهلكم، ثم استنقذني الله بالتَّوْبة، فإن يعف عني فقِدْمًا عُرِف به ونسِب إليه؛ وإن يعاقبني فيما قدمَت يداي وما الله بظلام للعبيد.

وخرج أبو مسلم يريد خُراسان، مراغمًا مشاقًا، فلما دخل أرضَ العراق،


= استشاط غضبًا [أنساب الأشراف / البلاذري / تحقيق الدوري / ١٨٥].
وأخرج البلاذري رواية أخرى في تأييد روايته هذه [المصدر السابق].

<<  <  ج: ص:  >  >>