للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اآمن؛ فإن كان آمنًا فعسى أن ينال ما يريد؛ وإن قدم وهو حَذِر لم يقدر عليه إلا في شرّ، فلو التمست حيلة! فأرسلتُ إلى سلمة بن سعيد بن جابر، فقلت له: هل عندك شكر؟ فقال: نعم، فقلت: إن وليتُك ولاية تصيب منها مثل ما يصيب صاحب العراق؛ تدخل معك حاتم بن أبي سليمان أخي؟ قال: نعم، فقلت -وأردت أن يطلع ولا ينكر: وتجعل له النصف؟ قال: نعم، قلت: إنّ كَسْكَر كالت عامَ أوّل كذا وكذا، ومنها العام أضعاف ما كان عام أوّل؛ فإن دفعتُها إليك بقَبالتها عامًا أوّل أو بالأمانة أصبتَ ما تضيق به ذرعًا، قال: فكيف لي بهذا المال؟ قلت: تأتي أبا مسلم، فتلقاه وتكلمه غدًا، وتسأله أن يجعل هذا فيما يرفع من حوائجه أن تتولّاها أنت بما كانت في العام الأوّل؛ فإنّ أمير المؤمنين يريد أن يولِّيَه إذا قدم ما وراء بابه، ويستريح ويريح نفسه، قال: فكيف لي أن يأذن أمير المؤمنين في لقائه؟ قلتُ: أنا أستأذن لك؛ ودخلت إلى أبي جعفر؛ فحدثته الحديث كله، قال: فادع سلمَة، فدعوته، فقال: إن أبا أيوب استأذن لك، أفتحب أن تلقى أبا مسلم؟ قال: نعم، قال: فقد أذنتُ لك، فأقرئه السلام، وأعلمه بشوقنا إليه، فخرج سلمة فلقيه، فقال: أميرُ المؤمنين أحسنُ الناس فيك رأيًا، فطابت نفسه؛ وكان قبل ذلك كئيبًا.

فلما قدم عليه سلمة سرّه ما أخبره به وصدّقه، ولم يزل مسرورًا حتى قدم.

قال أبو أيوب: فلما دنا أبو مسلم من المدائن أمَر أميرُ المؤمنين الناس فتلقوْه؛ فلما كان عشية قدم، دخلت على أمير المؤمنين وهو في خِباء على مصلَّى، فقلت: هذا الرجل يدخل العشيّة، فما تريد أن تصنع؟ قال: أريد أن أقتله حين أنظر إليه، قلت: أنشدك الله؛ إنه يدخل معه الناس؛ وقد علموا ما صنع؛ فإن دخل عليك ولم يخرج لم آمن البلاء، ولكن إذا دخل عليك فأذن له أن ينصرف؛ فإذا غدا عليك رأيت رأيك، وما أردتُ بذلك إلا دفعه بها، وما ذاك إلا من خوفي عليه وعلينا جميعًا من أصحاب أبي مسلم، فدخل عليه من عشيته

<<  <  ج: ص:  >  >>