للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شراحيل بن معن بن زائدة حصن الصقالبة ودَبْسة، وافتتح يزيد بن مخلد الصّفْصاف وملَقوبية - وكان فتح الرشيد هرقلة في شَوّال - وأخربها وسبى أهلها بعد مقام ثلاثين يومًا عليها، وولّى حُمَيد بن مَعيوف سواحل بحر الشأم إلى مصْر، فبلغ حُميد قُبْرُس، فهدم وحرق وسبى من أهلها ستة عشر ألفًا، فأقدمهم الرّافقة، فتولّى بيعهم أبو البختريّ القاضي، فبلغ أسقف قُبرس ألفي دينار (١).

وكان شخوص هارون إلى بلاد الروم لعشر بقين من رجب؛ واتخذ قلنسوة مكتوبًا عليها "غاز حاجٌّ"، فكان يلبسها، فقال أبو المعالي الكلابيّ:

فَمنْ يَطلُبْ لقاءَكَ أَو يُرِدْهُ ... فَبِالحَرَمَين أَو أَقصى الثغورِ

ففِي أَرْضِ العَدُوِّ على طِمِرٍّ ... وفي أَرضِ التَّرفّهِ فَوْقَ كُورِ

وما حازَ الثغورَ سِواكَ خَلْقٌ ... مِنَ المُتخلَّفينَ على الأُمورِ (٢)

ثم صار الرّشيد إلى الطُّوَانة، فعسكر بها، ثم رحل عنها، وخلَّف عليها عقبة بن جعفر، وأمره ببناء منزل هنالك، وبحث نقفور إلى الرشيد بالخرَاج والجزية، عن رأسه وولّى عهده وبطارقته وسائر أهل بلده خمسين ألف دينار؛ منها عن رأسه أربعة دنانير؛ وعن رأس ابنه استبراق دينارين، وكتب نقفور مع بطريقين من عظماء بطارقته في جارية من سبي هِرَقلة كتابًا نسخته:

لعبد الله هارون أمير المؤمنين من نقفور ملك الروم. سلام عليكم، أما بعد أيها الملك، فإِنّ لي إليك حاجة لا تضرّك في دينك ولا دنياك، هيّنة يسيرة؛ أن تهب لابني جارية من بنات أهل هرَقلة، كنت قد خطَبتُها على ابني، فإن رأيتَ أن تسعفني بحاجتي فعلت. والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.


(١) المرجع السابق نفسه.
(٢) انظر تعليقنا (٨/ ٣٢٢ / ١) وأما الأبيات فقد ذكرها الخطيب كذلك ونسبها إلى أبي الشفلى وانظر تأريخ بغداد (١٤/ ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>