للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستهداه أيضًا طيبًا وسرادقا من سرادقاته؛ فأمر الرشيد بطلب الجارية، فأحضرَت وزُيِّنَت وأجْلِست على سرير في مضربه الذي كان نازلًا فيه، وسلِّمت الجارية والمضرَب بما فيه من الآنية والمتاع إلى رسول نقفور، وبعث إليه بما سأل من العطر، وبعث إليه من التمور والأخبصة والزّبيب والترياق، فسلَّم ذلك كله إليه رسول الرشيد، فأعطاه نقْفور وقْر دراهم إسلامية على بُرذون كُميت كان مبلغه خمسين ألف درهم، ومائة ثوب ديباج ومائتي ثوب بُزْيون، واثني عشر بازيًا، وأربعة أكلب من كلاب الصّيد، وثلاثة براذين. وكان نقفور اشترط ألا يخرب ذا الكلاع ولا صمله ولا حصن سنان، واشترط الرشيد عليه ألا يعمّر هرقلة وعلى أن يحمل نقفور ثلاثمائة آلاف دينار (١)


(١) قبل أن نستعين بخبر خليفة نذكر ما قاله المؤرخ المتقدم المعاصر للطبري وهو كما قال ابن النديم أحد الكتاب الأخباريين المترسلين / الفهرست ١٤١ / قال الجهشياري (محمد بن عبدوس):
وكان الرشيد قد أحبّ الغزو، وكان من رسمه أن يَحُجَّ سنة ويغزو سنة، وكان يَلْبَسُ دُرَّاعة قد كتب من خلفها حاجّ، ومن قدَّامِها غاز، فطلب "نِقْفُور" الهُدْنة على أن يؤدّي إليه عن كلّ حالم ممن عنده من الروم دينارًا، سواه وسوى ابنه، فأبى الرشيد ذلك، ثم تراضيا على الصّلح، وأشار عليه يحيى بن خالد بقبوله إياه، فصالحه وهادنه، فانصرف عنه، ولما صار بالرقة نكث "نِقفور" وغدر، فكره يحيى بن خالد أن يُعرّف الرشيد ذلك فيغتمّ له، ويرجع باللوم عليه، لما كان من مَشُورَته عليه بمصالحته، فأمر عبد الله بن محمد الشاعر، المعروف بالمكي أن يقول في ذلك شعرًا، وينشده الرشيد، فقال:
نَقَضَ الّذي أَعْطَيتَهُ "نِقْفُورُ" ... فعليه دائرة البَوَارِ تَدُورُ
أَبْشِرْ أَميرَ المؤمنين فإنه ... فَتْحٌ أَتَاكَ بهِ الإلهُ كَبيرُ
فقال الرشيد ليحيى: قد علمت أنك احتلت في إسماعي هذا الخبر على لسان المكي ونهض نحوُ الروم، فافتتح هِرَقلة [كتاب الوزراء / ٢٠٧].
قلت والخبر بهذه الصيغة مع أبيات الشعر ذكره الطبري آنفًا (٨/ ٣٠٧ - ٣١٠) ولم يؤرخ =

<<  <  ج: ص:  >  >>