وكان الرشيد قد أحبّ الغزو، وكان من رسمه أن يَحُجَّ سنة ويغزو سنة، وكان يَلْبَسُ دُرَّاعة قد كتب من خلفها حاجّ، ومن قدَّامِها غاز، فطلب "نِقْفُور" الهُدْنة على أن يؤدّي إليه عن كلّ حالم ممن عنده من الروم دينارًا، سواه وسوى ابنه، فأبى الرشيد ذلك، ثم تراضيا على الصّلح، وأشار عليه يحيى بن خالد بقبوله إياه، فصالحه وهادنه، فانصرف عنه، ولما صار بالرقة نكث "نِقفور" وغدر، فكره يحيى بن خالد أن يُعرّف الرشيد ذلك فيغتمّ له، ويرجع باللوم عليه، لما كان من مَشُورَته عليه بمصالحته، فأمر عبد الله بن محمد الشاعر، المعروف بالمكي أن يقول في ذلك شعرًا، وينشده الرشيد، فقال: نَقَضَ الّذي أَعْطَيتَهُ "نِقْفُورُ" ... فعليه دائرة البَوَارِ تَدُورُ أَبْشِرْ أَميرَ المؤمنين فإنه ... فَتْحٌ أَتَاكَ بهِ الإلهُ كَبيرُ فقال الرشيد ليحيى: قد علمت أنك احتلت في إسماعي هذا الخبر على لسان المكي ونهض نحوُ الروم، فافتتح هِرَقلة [كتاب الوزراء / ٢٠٧]. قلت والخبر بهذه الصيغة مع أبيات الشعر ذكره الطبري آنفًا (٨/ ٣٠٧ - ٣١٠) ولم يؤرخ =