للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= ثانيًا: توقير الرشيد لأهل العلم:
أخرج الخطيب البغدادي.
عن علي بن المديني يقول سمعت أبا معاوية يقول: صبَّ على يدي رجل بعد الأكل لا أعرفه فقال يا أبا معاوية تدري من يصب على يديك؟ قلت: لا، قال: أنا قلت أنت أمير المؤمنين! ! قال نعم: إجلالًا للعلم [تأريخ بغداد ١٤/ ٨]. وابن المديني شيخ البخاري في الصحيح وشيخه ثقة. [سير أعلام / ٩/ ٢٨٨ تر ٨١].
ثالثًا: رقة قلب الرشيد وبكاؤه من خشية الله.
أخرج الخطيب من طريق يحيى بن أيوب العابد قال سمعت منصور بن عمار يقول ما رأيت أغزر دمعًا عند الذكر من ثلاثة: فضيل بن عياض وأبو عبد الرحمن الزاهد وهارون الرشيد [تأريخ بغداد / ١٤/ ٨].
قلت ورجال هذا الإسناد كالآتي: أما يحيى بن أيوب العابد فهو من شيوخ مسلم (الثقات) في صحيحه [تهذيب الكمال / تر ٦٧٩٣] وأما شيخه راوي الخبر (منصور بن عمار) فقد اشتهر بالوعظ الحسن كما قال ابن عدي وأحاديثه يشبه بعضه بعضًا وأرجو أنه لا يتعمد الكذب وإنكار ما يرويه لعلّه من جهة غيره.
رابعًا: مجلس الخليفة الرشيد مجلس المناظرات العلمية والاستشارات الفقهية والتذكير بالآخرة وأحيانًا مجلس مباريات شعرية علاوة على قضايا الحكم والإدارة والجهاد.
مما لا شك فيه أن هارون الرشيد رحمه الله كان يحب الشعر والشعراء ويجيز عليه بجوائز سنيّة وذلك خروج عن نهج الخلافة الراشدة في الحكم ولم يكن معروفًا في عهد الأمويين إلَّا نادرًا ولكنه بدأ بالظهور في عهد الخليفة المهدي (محمد بن عبد الله) وازداد وضوحًا في عهد الرشيد وذلك من المآخذ التي أخذت عليه ولا مانع من تشجيع الشعر والشعراء والأدباء للرقيّ بالمستوى الثقافي عامة في المجتمع ولكن إغداق الجوائز سَخِيّة على الشعراء والمادحين غير مقبول في السياسة الشرعية. وهذه من مثالبه رحمه الله لكنها تغمر في خضم محاسنه من الجهاد ونشر العدل واستقلالية القضاء والرخاء الاقتصادي والازدهار العلمي في عهده. =

<<  <  ج: ص:  >  >>