للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلّها فلا يبقى منها على العجلة شيء، فذلك حين يظلم النهار وتبدو النجوم، وهو المنتهى من كسوفها. فإذا أراد أن يجعل آيةً دون آية وقع منها النصف أو الثلث أو الثلثان في الماء، ويبقى سائرُ ذلك على العجلة، فهو كسوف دون كسوف، وبلاء للشمس أو للقمر، وتخويفٌ للعباد، واستعتاب من الربّ عزّ وجلّ، فأيّ ذلك كان صارت الملائكة الموكلون بعجلتها فرقتين: فرقة منها يُقبلون على الشمس فيجرّونها نحو العجلة، والفرقة الأخرى يُقبلون على العجلة فيجرُونها نحو الشمس، وهم في ذلك يقرّونها في الفلك بالتسبيح والتقديس والصلاة لله على قدر ساعات النهار أو ساعات الليل، ليلًا كان أو نهارًا، في الصيف كان ذلك أو في الشتاء، أو ما بين ذلك في الخريف والربيع، لكيلا يزيد في طولهما شيء، ولكن قد ألهمهم الله علم ذلك، وجعل لهم تلك القوة، والذي ترون من خروج الشمس أو القمر بعد الكسوف قليلًا قليلًا من غمر ذلك البحر الذي يعلوهما، فإذا أخرجوها كلَّها اجتمعت الملائكة كلهم، فاحتملوها حتى يضعوها على العجلة، فيحمدون الله على ما قوّاهم لذلك، ويتعلقون بعُرَا العجلة، ويَجُرّونها في الفلك بالتسبيح والتقديس والصلاة لله حتى يبلغوا بها المغرب، فإذا بلغوا بها المغرب أدخلوها تلك العين، فتسقط من أفق السماء في العين.

ثم قال النبيّ، وعجب من خلق الله: ولَلْعجب من القدرة فيما لم نَرَ أعجب من ذلك؛ وذلك قول جبرئيل - عليه السلام - لسارة: {اأَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} وذلك أن الله عزّ وجلّ خلق مدينتين: إحداهما بالمشرق والأخرى بالمغرب، أهل المدينة التي بالمشرق من بقايا عاد من نسل مؤمنيهم، وأهل التي بالمغرب من بقايا ثمود من نسل الذين آمنوا بصالح، اسم التي بالمشرق بالسريانيّة "مرقيسيا" وبالعربية "جابَلق" واسم التي بالمغرب بالسريانية "برجيسيا" وبالعربية "جابَرس" ولكل مدينة منهما عشرة آلاف باب، ما بين كل بابين فرسخ، ينوب كلّ يوم على كل باب من أبواب هاتين المدينتين عشرة آلاف رجل من الحراسة، عليهم السلاح، لا تَنُوبُهم الحراسة بعد ذلك إلى يوم ينفخ في الصور، فوالذي نفس محمد بيده، لولا كثرة هؤلاء القوم وضجيج أصواتهم لسمع الناس من جميع أهل الدنيا هدّة وقعة الشمس حين تطلع وحين تغرب، ومن ورائهم ثلاث أمم: منسك، وتافيل، وتاريس، ومن دونهم يأجوج ومأجوج.

<<  <  ج: ص:  >  >>