للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطعام، وكانتا تتحركان تحث ثوبه إذا جاع كما يتحرّك العضو من الإنسان عند التهابه بالجوع والغضب. ومن الناس من يقول: كان ذلك حيّتين، وقد ذكرتُ ما رُوي عن الشعبيّ في ذلك، والله أعلم بحقيقته وصحته (١). (١: ١٩٨).

٣١١ - وذكر بعضُ أهل العلم بأنساب الفرْس وأمورهم: أنّ الناس لم يزالوا من بِيورَاسب هذا في جَهْد شديد، حتى إذا أراد الله إهلاكه وثب به رجلٌ من العامة من أهل أصبَهان يقال له: كابي، بسبب ابنين كانا له أخذهما رسل بيوراسب بسبب الحيتين اللتين كانتا على منكبيه. وقيل: إنه لما بلغ الجزع من كابي هذا على ولده أخذ عصًا كانت بيده، فعلَّق بأطرافها جرابًا كان معه، ثم نصب ذلك العَلَم، ودعا الناس إلى مجاهدة بيوراسب ومحاربته، فأسرع إلى إجابته خلق كثير؛ لما كانوا فيه معه من البلاء وفنون الجَوْر، فلما غلب كابي تفاءل الناس بذلك العلَم، فعظَّموا أمره، وزادوا فيه حتى صار عند ملوك العجم عَلَمهم الأكبر الذي يتبركون به، وسموه دِرَفْش كابيان، فكانوا لا يسيّرونه إلا في الأمور العظام، ولا يُرفع إلا لأولاد الملوك إذا وجِّهوا في الأمور العظام.

وكان من خبر كابي: أنه شخصَ عن أصبَهان بمن تبعه والتفَّ إليه في طريقه، فلما قرب من الضحاك وأشرف عليه، قُذف في قلب الضحاك منه الرُّعب، فهرب عن منازله، وخلَّى مكانه، وانفتح للأعاجم فيه ما أرادوا، فاجتمعوا إلى كابي وتناظروا، فأعلمهم كابي أنه لا يتعرض للملْك؛ لأنه ليس من أهله، وأمرهم أن يملِّكوا بعض ولد جم، لأنه ابن الملك الأكبر أو شهنْق بن فرواك الذي رسم الملك، وسبق إلى القيام به، وكان أفريدُون بن أثفيان مستخفيًا في بعض النواحي من الضحاك، فوافى كابي ومَنْ كان معه، فاستبشرَ القومُ بموافاته، وذلك أنه كان مُرشَّحًا للملك برواية كانت لهم في ذلك، فملَّكوه، وصار كابي والوجوه لأفريدُون أعوانًا على أمره، فلما ملك وأحكم ما احتاج إليه من أمر الملك، واحتوى على منازل الضحاك، اتَّبعه فأسره بدُنباوند في جبالها (٢). (١: ١٩٨/ ١٩٩).


(١) ضعيف.
(٢) ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>