قال: وكان إبراهيم يُضيف من نزل به، وكان الله عزّ وجلّ قد أوسع عليه، وبسط له في الرزق والمال والخدم، فلما أراد الله عزّ وجلّ هلاك قوم لوط، بعث إليه رسلَه يأمرونه بالخروج من بين أظهرهم، وكانوا قد عملوا من الفاحشة ما لم يسبقهم به أحدٌ من العالمين، مع تكذيبهم نبيهم، وردّهم عليه ما جاءهم به من النصيحة من ربِّهم، وأمرت الرسل أن ينزلوا علي إبراهيم، وأنْ يبشّروه وسارة بإسحاق، ومنْ وراء إسحاق يعقوب، فلما نزلوا علي إبراهيم وكان الضيفُ قد حُبِس عنه خمس عشرة ليلة حتى شقَّ ذلك عليه -فيما يذكرون- لا يضيفه أحد، ولا يأتيه، فلما رآهم سرّ بهم رأي ضيفًا لم يضفه مثلهم حسنًا وجمالًا، فقال: لا يخدم هؤلاء القوم أحدٌ إلا أنا بيدي، فخرج إلي أهله، فجاء كما قال الله عزّ وجلّ:{بِعِجْلٍ سَمِينٍ} قد حَنَذه -والحناذ: الإنضاج يقول الله جل ثناؤه: {جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} فقرّبه إليهم، فأمسكوا أيديهم عنه، {فَلَمَّا رَأَى أَيدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً} حين لم يأكلوا من طعامه، {قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ (٧٠) وَامْرَأَتُهُ} سارة {قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ} لما عرفت من أمر الله عزّ وجلّ، ولما تعلم من قوم لوط، فبشّروها {بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} بابن، وبابن ابن، فقالت- وَصَكّت وَجْهَهَا، يقال: ضربت علي جبينها: {يَاوَيلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ} إلي قوله: {إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ}. وكانت سارَة يومئذ- فيما ذكر لي بعض أهل العلم- ابنةَ تسعين سنة، وإبراهيم ابن عشرين ومئة سنة، {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى} بإسحاق ويعقوب يولد من صلب إسحاق وأمنَ ما كان يخاف، قال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ (٣٩)} (١). (١: ٢٤٧/ ٢٤٨ / ٢٤٩).
٣٦٣ - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج عن ابن جريج، قال: أخبرني وهب بن سليمان عن شعيب الجبائيّ، قال: ألقيَ إبراهيمُ في النار وهو ابن ست عشرة سنة، وذبح إسحاق وهو ابن سبع سنين، وولدته سارة وهي ابنة تسعين سنة، وكان مذبحه من بيت إيليا علي ميلين، فلما علمتْ سارة بما أراد بإسحاق مرِضت يومين، وماتت اليوم الثالث، وقيل: ماتت سارة