في السفينة وفي الغلام لله عزّ وجلّ. {قَال هَذَا فِرَاقُ بَينِي وَبَينِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْويلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيهِ صَبْرًا}، فأخبره بما قال الله:{أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ. . .} الآية، {وَأَمَّا الْغُلَامُ. . .} الآية، {وَأَمَّا الْجِدَارُ. .} الآية. قال: فسار به في البحر حتى انتهى به إلى مجمع البحرين، وليس في الأرض مكان أكثر ماءً منه، قال: وبعث ربك الخُطّاف، فجعل يستقي منه بمنقاره، فقال لموسى: كم ترى هذا الخُطّاف رزأ من هذا الماء؟ قال: ما أقلَّ ما رزأ! قال: يا موسى فإنّ علمي وعلمك في علم الله كقدر ما استقى هذا الخُطّاف من هذا الماء. وكان موسى عليه السلام قد حدّث نفسه أنه ليس أحدٌ أعلمَ منه، أو تكلم به؛ فمن ثَمّ أمِر أن يأتي الخضر (١). (١: ٣٧١/ ٣٧٢).
٦٤٠ - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني محمد بن إسحاق عن الحسن بن عُمارة، عن الحكم بن عتيبة، عن سعيد بن جبير، قال: جلست عند ابن عباس وعنده نفرٌ من أهل الكتاب، فقال بعضهم: يا أبا العباس! إن نَوْفا ابن امرأة كعب، ذكر عن كعب: أن موسى النبي - عليه السلام - الذي طلب العالم إنما هو موسى بن منشا. قال سعيد: فقال ابن عباس: أنوْفٌ يقول هذا؟ قال سعيد: فقلت له: نعم، أنا سمعت نوْفًا يقول ذلك، قال: أنت سمعته يا سعيد؟ قال: قلت: نعم، قال: كذب نوْف. ثم قال ابن عباس: حدثني أبيّ بن كعب عن رسول الله: أن موسى نبيّ إسرائيل سأل ربه تبارك وتعالى فقال: أيّ رب، إن كان في عبادك أحدٌ هو أعلم مني فادللني عليه، فقال له: نعم في عبادي مَنْ هو أعلم منك، ثم نعَت له مكانه، وأذن له في لقائه، فخرج موسى - عليه السلام - ومعه فتاه، ومعه حوت مليح قد قيل له: إذا حَيِيَ هذا الحوت في مكان فصاحبك هنالك، وقد أدركتَ حاجتك.
فخرج موسى ومعه فتاه، ومعه ذلك الحوت يحملانه، فسار حتى جهده السير، وانتهى إلى الصخرة وإلى ذلك الماء، وذلك الماء ماء الحياة، مَنْ شرب منه خُلِّد، ولا يقاربه شيء ميت إلا أدركته الحياة وحيي، فلما نزلا منزلًا ومسّ الحوتُ الماءَ حيي، فاتخذ سبيله في البحر سربًا، فانطلق فلما جاوزا بمنقلة قال
(١) شيخ الطبري هنا ضعيف واتهمه بعضهم بالكذب وأما أصل القصة فصحيح كما ذكرنا في قسم الصحيح.