للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قتلوا رجلًا من آل فرعون فخذْ لنا بحقنا، ولا ترخِّص لهم في ذلك، فقال: ابغوني قاتلَه، ومن يشهد عليه؛ لأنه لا يستقيمُ أن نقضيَ بغير بينّة ولا ثبَت، فطلبوا له ذلك، فبينما هم يطوفون لا يجدون بينة، إذ مرّ موسى من الغد، فرأي ذلك الإسرائيليّ يقاتل فرعونيًّا، فاستغاثه الإسرائيليّ على الفِرْعونيّ، فصادف موسى وقد ندِم على ما كان منه بالأمس، وكره الذي رأى، فغضب موسى فمدَّ يده وهو يريد أن يبطش بالفرعونيّ، فقال للإسرائيليّ لما فعل بالأمس واليوم: {إِنَّكَ لَغَويٌّ مُبِينٌ} فنظر الإسرائيليّ إلى موسى بعدما قال [ما قال]، فإذا هو غضبان كغضبه بالأمس الذي قتل فيه الفرعونيّ، فخاف أن يكون بعدما قال له: {إِنَّكَ لَغَويٌّ مُبِينٌ} أن يكون إياه أراد -ولم يكن أراده، وإنما أراد الفرْعوني- فخاف الإسرائيلي فحاجز الفرعونيّ، وقال: يا موسى {أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ} وإنما قال ذلك مخافة أن يكون إياه أراد موسى ليقتله، فتتاركا، فانطلق الفرعونيّ إلى قومه فأخبرهم بما سمع من الإسرائيليّ من الخبر، حين يقول: {أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ}! فأرسل فرعون الذبّاحين، وسلك موسى الطريق الأعظم وطلبوه وهم لا يخافون أن يفوتهم، وكان رجلٌ من شيعة موسى من أقصى المدينة، فاختصر طريقا قريبًا حتى سبقهم إلى موسى، فأخبره الخبر؛ وذلك من الفتون يا بن جبير (١). (١: ٣٩٢/ ٣٩٤ / ٣٩٥/ ٣٩٦).

٦٤٩ - وقد حدثنا أبو عمار المروزيّ، قال: حدثنا الفضل بن موسى، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، قال: خرج موسى من مصر إلى مدين، وبينهما مسيرة ثمان ليال -قال: وكان يقال نحو من الكوفة إلى


(١) قلنا: وكذلك أخرجه النسائي في كتاب التفسير في سننه من طريق يزيد بن هارون به كما عند الطبري وأورده الحافظ ابن كثير بتمامه ثم قال في آخره:
هكذا ساق هذا الحديث الإمام النسائي وأخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم في تفسيرهما من حديث يزيد بن هارون والأشبه (والله أعلم) أنه موقوف، وكونه مرفوعًا فيه نظر وغالبه متلقى من الإسرائيليات وفيه شيء يسير مصرّح برفعه في أثناء الكلام وفي بعض ما فيه نظر ونكارة والأغلب أنه من كلام كعب الأحبار وقد سمعت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي يقول ذلك والله أعلم (البداية والنهاية ١/ ٤٠٦) ط. دار الفكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>