- فيما ذكر لي ابن إسحاق، عن وهب بن منبّه اليمانيّ -فيما ذكر له عنه-، ومعه غنم له، ومعه زند له وعصاه في يده يهشّ بها على غنمه نهاره، فإذا أمسى اقتدح بزنده نارًا، فبات عليها هو وأهله وغنمه، فإذا أصبح غدا بأهله وبغنمه يتوكأ على عصاه، وكانت -كما وُصف لي عن وهب بن منبِّه- ذات شعبتين في رأسها، ومحجن في طرفها (١). (١: ٤٠١).
٦٦٠ - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة عن ابن إسحاق عمن لا يتّهم من أصحابه: أن كعب الأحبار قدم مكة وبها عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال كعب: سلوه عن ثلاث، فإن أخبركم فإنه عالم، سلوه عن شيء من الجنة وضعه الله للناس في الأرض، وسلوه ما أوّلُ ما وضع في الأرض؟ وما أوّل شجرة غرِست في الأرض؟ فسئل عبد الله عنها فقال: أما الشيء الذي وضعه الله للناس في الأرض من الجنة فهو هذا الركن الأسود، وأما أوّل ما وضع في الأرض فبَرهوت باليمن يردُه هام الكفار، وأمّا أوّلُ شجرة غرسها الله في الأرض فالعوسجة التي اقتطع منها موسى عصاه، فلما بلغ ذلك كعبًا قال: صدق الرجل، عالم والله!
قال: فلما كانت الليلة التي أراد الله بموسى كرامَته، وابتدأه فيها بنبوّته وكلامه، أخطأ فيها الطريقَ حتى لا يدري أين يتوجه، فأخرج زنده ليقدح نارًا لأهله ليبيتوا عليها حتى يصبح، ويعلم وجه سبيله، فأصلد عليه زنده فلا يوري له نارًا، فقدح حتى [إذا] أعياه لاحت النار فرآها، {فَقَال لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى}، بقبس تصطلون، وهدى عن علم الطريق الذي أضللنا بنعت من خبير، فخرج نحوها، فإذا هي شجرة من العُلَّيق، وبعض أهل الكتاب يقول: في عوْسجة، فلما دنا استأخرت عنه، فلما رأى استئخارها رجع عنها، وأوجس في نفسه منها خيفة، فلما أراد الرجعة دنَتْ منه، ثم كُلِّم من الشجرة، فلما سمع الصوت استأنس، وقال الله: يا موسى {فَاخْلَعْ نَعْلَيكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى}، فألقاهما ثم قال: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى (١٧) قَال هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى} أي: