للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منافع أخرى، {قَال أَلْقِهَا يَامُوسَى (١٩) فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى} ـ قد صار شُعْبتاها فمها وصار محجنها عُرْفًا لها في ظهر تهتزّ، لها أنياب، فهي كما شاء الله أن تكون. فرأى أمرًا فظيعًا فولى مدبرًا ولم يعقِّب، فناداه ربه: أن يا موسى أقبل ولا تخف، {سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى}، أي سيرتها عصا كما كانت، قال: فلما أقبل قال: {خُذْهَا وَلَا تَخَفْ}، أدخلْ يدك في فمها، وعلى موسى جبّة من صوف، فلفّ يده بكمّه وهو لها هائب، فنودي أن ألق كمك عن يدك، فألقاه عنها، ثم أدخل يده بين لحيَيها، فلما أدخلها قبض عليها فإذا هي عصاه في يده، ويده بين شعبتيها حيث كان يضعها، ومحجنها بموضعه الذي كان لا ينكر منها شيئًا، ثم قيل: {وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيبِكَ تَخْرُجْ بَيضَاءَ مِنْ غَيرِ سُوءٍ} أي من غير بَرَص- وكان موسى - عليه السلام - رجلًا آدم أقنى جَعْدًا طُوالًا- فأدخل يده في جيبه ثم أخرجها بيضاء مثل الثلج، ثم ردَّها في جيبه فخرجت كما كانت على لونه ثم قال: {فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (٣٢) قَال رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (٣٣) وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي}، أي يبين لهم عني ما أكلّمهم به، فإنه يفهم عني ما لا يفهمون. {قَال سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيكُمَا بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ} (١). (١: ٤٠١/ ٤٠٢ / ٤٠٣).

٦٦١ - رجع الحديث إلى حديث السُّدِّي، فأقبل موسى إلى أهله فسار بهم نحو مصر حتى أتاها ليلًا، فتضيَّف على أمه وهو لا يعرفهم، فأتاهم في ليلة كانوا يأكلون فيها الطَّفَيشَل، فنزل في جانب الدار، فجاء هارون فلما أبصر ضيفه سأل عنه أمه فأخبرته أنه ضيف، فدعاه فأكل معه، فلما أن قعدا تحدّثا، فسأله هارون: مَن أنت؟ قال: أنا موسى، فقام كلّ واحد منهما إلى صاحبه فاعتنقه، فلما أن تعارفا قال له موسى: يا هارون انطلق معي إلى فرعون، إن الله قد أرسلنا إليه، فقال هارون: سمعٌ وطاعة، فقامت أمّهما فصاحت وقالت: أنشدكما الله ألّا تذهبا إلى فرعون فيقتلَكما فأبيا. فانطلقا إليه ليلًا، فأتيا الباب فضرباه ففزع فرعون، وفزع البواب، وقال فرعون: مَنْ هذا الذي يضرب بابي في هذه الساعة؟ فأشرف عليهما البواب، فكلّمهما، فقال له موسى: {إِنِّي رَسُولُ رَبِّ


(١) ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>