جَهْرَةً}، فإنك قد كلَّمته فأرِناه، فأخذتهم الصاعقة فماتوا، فقام موسى يبكي ويدعو الله ويقول: رب ماذا أقول لبني إسرائيل إذا أتيتُهروقد أهلكتَ خيارَهم! {رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا} فأوحى الله عزّ وجلّ إلى موسى: إن هؤلاء السبعين مِمّن اتّخذ العجل، فذلك حين يقول موسى:{إِنْ هِيَ إلا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ} إلى قوله: {إِنَّا هُدْنَا إِلَيكَ}، يقول: تبنا إليك، وذلك قول تعالى:{وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ}، والصاعقة نار. ثم إن الله أحياهم، فقاموا وعاشوا رجلًا رجلًا، ينظر بعضُهم إلى بعض: كيف يحيَوْن؟ فقالوا: يا موسى، أنتَ تدعو الله فلا تسأله شيئًا إلا أعطاك، فادعُه يجعلنا أنبياء، فدعا الله فجعلهم أنبياء، فذلك قوله:{ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ}، ولكنّه قدّم حرفًا وأخّر حرفًا.
ثم أمرهم بالسير إلى أرِيحا، وهي أرض بيت المقدس، فساروا حتى إذا كانوا قريبًا منها بعث موسى اثني عشر نقيبًا من جميع أسباط بني إسرائيل، فساروا يريدون أن يأتوه بخبر الجبّارين، فلقيَهم رجل من الجبارين يقال له: عاج، فأخذ الاثني عشر فجعلهم في حُجْزته وعلى رأسه حملة حطب، فانطلق بهم إلى امرأته فقال: انظري إلى هؤلاء القوم الذين يزعمون أنهم يريدون أن يقاتلونا، فطرحهم بين يديها، فقال: ألا أطحنُهم برجلي! فقالت امرأته: لا، بل خلّ عنهم حتى يخبروا قومهم بما رأوْا، ففعل ذلك، فلما خرج القومُ قال بعضهم لبعض: يا قوم! إنكم إن أخبرتُم بني إسرائيل بخبر القوم ارتدّوا عن نبي الله، ولكن اكتموهم وأخبروا نبيَّ الله، فيكونان هما يريان رأيهما، فأخذ بعضهم على بعض الميثاق بذلك ليكتموه، ثم رجعوا فانطلق عشرة فنكثوا العهد، فجعل الرجل منهم يخبر أخاه وأباه بما رأوا من أمر عاج، وكَتم رجلان منه، فأتوا موسى وهارون فأخبروهما الخبر، فذلك حين يقول الله:{وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَي عَشَرَ نَقِيبًا}. فقال لهم موسى:{يَاقَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا}، يملك الرجل منكم نفسه وأهله ومَاله. {يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ}، يقول: التي أمركم الله بها {وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (٢١) قَالُوا} مما سمعوا من العشرة: {إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا