صوموا وتطهَّروا وطهِّروا ثيابكم، فخرج بهم إلى طور سيناء لميقات وقّته له ربه، وكان لا يأتيه إلا بإذن منه وعلم، فقال له السبعون -فيما ذكر لي- حين صنعوا ما أمرهم به، وخرجوا معه للقاء ربه: اطلب لنا نسمع كلام ربنا، فقال: أفعل، فلما دنا موسى من الجبل وقع عليه عمود الغمام حتى تغشّى الجبل كلّه، وفي نا موسى فدخل فيه، وقال للقوم: ادنوا، وكان موسى إذا كلّمه وقع على جبهته نور ساطع لا يستطيع أحد من بني آدم أن ينظر إليه، فضُرِب دونه بالحجاب، ودنا القوم حتى إذا دخلوا في الغمام وقعوا سجودًا، فسمعوه وهو يكلّم موسى يأمره وينهاه: افعل ولا تفعل، فلما فرغ إليه من أمره انكشف عن موسى الغمام، فأقبل إليهم فقالوا لموسى:{لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً}، {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ}، وهي الصاعقة، فانفلتت أرواحهم فماتوا جميعًا، وقام موسى يناشد ربه ويدعوه، ويرغب إليه ويقول:{رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ} قد سفهوا، أفتهلِك مَنْ ورائي من بني إسرائيل بما فعل السفهاء منا! إن هذا هلاك لهم. اخترت منهم سبعين رجلًا الخيّر فالخيّر، أرجع إليهم وليس معي رجل واحد، فما الذي يصدقونني به! فلم يزل موسى يناشد ربَّه، ويسأله ويطلب إليه حتى ردَّ إليهم أرواحهم، وطلب إليه التوبة لبني إسرائيل من عبادة العجل، فقال: لا، إلّا أن يقتلوا أنفسهم. وقال: فبلغني: أنّهم قالوا لموسى: نصبر لأمر الله، فأمر موسى مَنْ لم يكن عبد العجل أن يقتل مَنْ عبده، فجلسوا بالأفنية، وأصلتَ عليهم القوم السيوف، فجعلوا يقتلونهم، وبكى موسى وبهش إليه الصبيان والنساء يطلبون العفو عنهم، فتاب عليهم وعفا عنهم، وأمر موسى أن يرفع عنهم السيف (١). (١: ٤٢٧/ ٤٢٨).
٦٨١ - وأما السديّ فإنه ذكر في خبره الذي ذكرت إسناده قبلُ: أن مصيرَ موسى إلى ربه بالسبعين الذين اختارهم من قومه بعد ما تاب الله على عبدة العجل من قومه، وذلك: أنه ذكر بعد القصة التي قد ذكرتها عنه بعد قوله: {إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}. قال: ثم إن الله أمرَ موسى أن يأتيه في ناس من بني إسرائيل يعتذرون إليه من عبادة العجل، ووعدهم موعدًا، فاختار موسى قومه سبعين رجلًا على عينه، ثم ذهب بهم ليعتذروا، فلما أتوا ذلك المكان قالوا: {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ