بهما رافعهما إلى السماء، والحربة قد أخذها بذراعه، واعتمد بمرفقه على خاصرته، وأسند الحربة إلى لحيته -وكان بِكْر العيزار- فجعل يقول: اللهمّ هكذا نفعل بمَنْ يعصيك! ورُفع الطاعون فحُسِب مَنْ هلك من بني إسرائيل في الطاعون -فيما بين أن أصاب زمري المرأة إلى أن قتله فنحاص- فوجدوا قد هلك منهم سبعون ألفًا، والمقلّل لهم يقول: عشرون ألفًا، في ساعة من النهار، فمن هنالك تُعطى بنو إسرائيل ولد فنحاص بن العيزار بن هارون من كلِّ ذبيحة ذبحوها القِبَة والذراع واللَّحْي، لاعتماده بالحربة على خاصرته، وأخذه إياها بذراعه، وإسناده إياها إلى لحيته، والبِكْر من كل أموالهم وأنفسهم، لأنه كان بكر العيزار، ففي بلعم بن باعور، أنزل الله تعالى على محمد:{وَاتْلُ عَلَيهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَينَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا} -يعني بلعم بن باعور- {فَأَتْبَعَهُ الشَّيطَانُ} إلى قوله: {لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} يعني بني إسرائيل: أني قد جئتهم بخبر ما كان فيهم مما يخفون عليك لعلهم لتفكرون فيعرفون أنه لم يأت بهذا الخبر عمّا مضى فيهم إلا نبي يأتيه خبر من السماء.
ثم إن موسى قدّم يوشع بن نون إلى أرِيحا في بني إسرائيل فدخلها بهم، وقتل بها الجبابرة الذين كانوا فيها، وأصاب من أصاب منهم، وبقيتْ منهم بقية في اليوم الذي أصابهم فيه، وجنح عليهم الليل، وخَشيَ إن لبسهم الليل أن يُعجزوه، فاستوقف الشمس، ودعا الله أن يحبسها، ففعل عزّ وجلّ حتى استأصلهم؛ ثم دخلها موسى ببني إسرائيل، فأقام فيها ما شاء الله أن يقيم، ثمّ قبضه الله إليه، لا يعلم بقبره أحد من الخلائق (١). (١: ٤٣٧/ ٤٣٨ / ٤٣٩).
٦٩٤ - فأما السديّ في الخبر الذي ذكرت عنه إسناده فيما مضى؛ فإنه ذكر في خبره ذلك أن الذي قاتل الجبارين يوشع بن نون بعد موت موسى وهارون، وقصّ من أمره وأمرهم ما أنا ذاكره، وهو أنه ذكر فيه: أن الله بعث يوشع نبيًّا بعد أن انقضت الأربعون سنة، فدعا بني إسرائيل فأخبرهم أنه نبيّ، وأن الله قد أمره أن يقاتل الجبارين، فبايعوه وصدّقوه، وانطلق رجل من بني إسرائيل يقال له: بلعم -وكان عالمًا، يعلم الاسم الأعظم المكتوم- فكفر وأتى الجبارين، فقال: