للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فسأل جنودَه من الإنس والجنّ والطير وكلّ شيء كان حضره من جنوده، فقالوا: ما سألْتك يا رسول الله إلا عن ماء رَوَاء، قال: - وقد كان قال له الرسول: يقول الله لك: عُدْ إلي مكانك فإني قد كفيتُكهم- قال: وقال سليمان: للشياطين: ابنُوا لي صَرْحًا تدخل عليّ فيه بلقيس، قال: فرجع الشياطين بعضُهم إلي بعض، فقالوا: سليمان رسول الله قد سخّر الله له ما سخّر، وبلقيس ملكة سبأ ينكِحها فتلد له غلامًا، فلا ننفكّ من العبوديّة أبدًا.

قال: وكانت امرأة شَعْراء الساقين، فقالت الشياطين: ابنوا له بنيانًا ليري ذلك منها، فلا يتزوجها، فبنوْا له صرحًا من قوارير أخضر، وجعلوا له طوابيق من قوارير كأنه الماء، وجعلوا في باطن الطوابيق كلَّ شيء يكون من الدوابّ في البحر من السمك وغيره، ثم أطبقوه، ثم قالوا لسليمان: ادخل الصّرح، قال: فألقِي لسليمان كرسيّ في أقصي الصّرح، فلما دخله ورأي ما رأي أتي الكرسيّ، فقعد عليه، ثم قال: أدخلوا عليّ بلقيس، فقيل لها: ادخلي الصّرح، فلما ذهبت تدخله رأت صورةَ السمك وما يكون في الماء من الدوابّ، فحسبته لُجّة (حسبته ماء) وكشفت عن ساقْيها لتدخل، وكان شعرُ ساقيها ملتويًا علي ساقيها، فلما رآها سليمان، ناداها وصرف بصرَه عنها: إنه صَرْح ممرّد من قوارير، فألقت ثوبَها فقالت: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ (٤٤)} قال: فدعا سليمان الإنس فقال: ما أقبح هذا! ما يُذْهِب هذا؟ قالوا: يا رسول الله الموسي. قال: المواسي تقطع ساقَي المرأة. قال: ثم دعا الجن فسألهم فقالوا: لا ندري ثم دعا الشياطين فقال: ما يذهب هذا؟ قالوا مثل ذلك: الموس فقال: المواس تقطع ساقي المرأة قال: فتلكّؤوا عليه، ثم جعلوا له النُّورَة- قال ابن عباس: فإنه لأولُ يوم رُئِيت فيه النُّورة- فاستنكحها سليمان (١). (١: ٤٩٣/ ٤٩٤).

٧٥٨ - حدثنا ابن حميد: قال: حدثنا سلمة عن ابن إسحاق، عن بعض أهل العلم، عن وهب ابن منبّه، قال: لما رجعتِ الرسل إلي بلقيس بما قال سليمان، قالت: قد والله عرفتُ ما هذا بملك، وما لنا به من طاقة، وما نصنعُ


(١) ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>