فاحور بن شلوم بن يهفاشاط بن أُسا بن أبيا بن رُحُبْعُم بن سليمان بن داود.
قال: فلما رَفع الله عيسى - عليه السلام - من بين أظهرهم، وقتلوا يحيى بن زكرياء - عليه السلام - وبعض الناس يقول: وقتلوا زكرياء - ابتعث الله عليهم ملكًا من ملوك بابل يقال له: خردوس، فسار إليهم بأهل بابل؛ حتى دخل عليهم الشام، فلما ظهر عليهم أمر رأسًا من رؤوس جنوده يدعى: نبوزراذان، صاحب القتل، فقال له: إني كنت حلفت بإلهي: لئن أنا ظهرت على أهل بيت المقدس لأقتلّنهم حتى تسيل دماؤهم في وسط عسكري؛ إلى ألّا أجد أحدًا أقتله، فأمره أن يقتلهم، حتى يبلغ ذلك منهم. وإنّ نبوزراذان دخل بيت المقدس، فقام في البقعة التي كانوا يقرّبون فيها قربانهم، فوجد فيها دمًا يغلي، وسألهم، فقال: يا بني إسرائيل! ما شأن هذا الدم يغلي؟ أخبروني خبرَه ولا تكتموني شيئًا من أمره، فقالوا: هذا دم قربان كان لنا كنا قرّبناه فلم يقبَل مِنا، فلذلك هو يغلي كما تراه، ولقد قرّبنا منذ ثمانمئة سنة القربان، فيُقبل منا إلا هذا القربان. قال: ما صدقتموني الخبر، قالوا له: لو كان كأوّل زماننا لقبِل منّا؛ ولكنه قد انقطع منّا الملك والنبوّة والوحي؛ فلذلك لم يقبَل منا. فذبح منهم نبوزراذان على ذلك الدم سبعمئة وسبعين روحًا من رؤوسهم فلم يهدأ، فأمر فأتيَ بسبعمئة غلام من غلمانهم، فذبحوا على الدم فلم يهدأ، فأمر بسبعة آلاف من بينهم وأزواجهم فذبحهم على الدم فلم يبرد، فلما رأى نبوزراذان الدم لا يهدأ قال لهم: يا بني إسرائيل! ويلكم! أصدقُوني واصبروا على أمر ربكم؛ فقد طالما ملكتم في الأرض تفعلون فيها ما شئتم قبل ألّا أترك منكم نافخ نار؛ أنثى ولا ذكرًا إلا قتلته! فلما رأوا الجهد وشدّة القتل صدَقوه الخبر، فقالوا: إن هذا دم نبيّ منّا كان ينهانا عن أمور كثيرة من سخط الله، فلو أطعناه فيها لكان أرشدَ لنا، وكان يخبرنا بأمركم فلم نصدّقه، فقتلناه، فهذا دمه. فقال لهم نبوزراذان: ما كان اسمُه؟ قالوا: يحيى بن زكرياء، قال: الآن صدقتموني، لمثل هذا ينتقم ربّكم منكم. فلما رأى نبوزراذان أنهم قد صدقوه خَرّ ساجدًا، وقال لمن حوله: أغلقوا أبواب المدينة، وأخرجوا مَنْ كان ها هنا من جيش خردوس وخلا في بني إسرائيل. ثم قال: يا يحيى بن زكريَّاء، قد علم ربّي وربّك ما قد أصاب قومَك من أجلك، وما قتل منهم من أجلك، فاهدأ بإذن الله قبل ألّا أبقيَ من قومك أحدًا، فهدأ دم يحيى