للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما تقول: يا أخا بني فلان؛ إنما تَعني قرابتَه. فقالت لهم ما أمرها الله، فلما أرادوها بعد ذلك على الكلام؛ أشارت إليه - إلى عيسى - فغضبوا وقالوا: لَسُخريتُها بِنَا حين تأمرنا أن نكلّم هذا الصبي أشدُّ علينا من زناها! {قَالُوا كَيفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا} فتكلّم عيسى، فقال: {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (٣٠) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَينَ مَا كُنْتُ} فقالت بنو إسرائيل: ما أحبلها أحد غير زكرياء، هو كان يدخل إليها، فطلبوه ففرّ منهم فتشبّه له الشيطان في صورة راع، فقال: يا زكرياء! قد أدركوك، فادعُ الله حتى تنفتح لك هذه الشجرة فتدخل فيها، فدعا الله فانفتحت له الشجرة، فدخل فيها وبقي من ردائه هُدَبٌ، فمرت بنو إسرائيل بالشيطان، فقالوا: يا راعي! هل رأيتَ رجلًا من ها هنا قال: نعم سحر هذه الشجرة، فانفتحت له، فدخل فيها، وهذا هُدب ردائه، فعمِدوا فقطعوا الشجرة، وهو فيها بالمناشير، وليس تجد يهوديًّا إلا تلك الهدبة في ردائه؛ فلما ولد عيسى؛ لم يبق في الأرض صنم يعبَد من دون الله إلا أصبح ساقطًا لوجهه (١). (١: ٥٩٩/ ٦٠٠ / ٦٠١).

٧٨٦ - حدثني المثنَّى، قال: حدثنا إسحاق بن الحجاج، قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم، قال: حدثني عبد الصمد بن معقل: أنه سمع وهبًا يقول: إن عيسى بن مريم - عليه السلام - لما أعلمه الله أنه خارج من الدنيا جزع من الموت، وشَقّ عليه، فدعا الحواريين، فصنع لهم طعامًا، فقال: احضروني الليلة، فإن لي إليكم حاجة، فلما اجتمعوا إليه من الليل، عشّاهم، وقام يخدمُهم، فلما فرغوا من الطعام أخذ يغسِل أيديهم ويوضئهم بيده، ويمسحُ أيديَهم بثيابه، فتعاظموا ذلك وتكارهوه، فقال: ألا من ردّ عليّ شيئًا الليلة مما أصنع فليس مني ولا أنا منه! فأقرّوه حتى إذا فرغ من ذلك قال: أمّا ما صنعت بكم الليلة مما خدمتكم على الطعام، وغسلت أيديكم بيديّ، فليكن لكم بي أسوة؛ فإنكم ترون أني خيركم، ولا يتعظمْ بعضكم على بعض، وليبذُلْ بعضكم نفسَه لبعض؛ كما بذلت نفسي لكم. وأما حاجتي التي أستعينكم عليها، فتدعون الله لي، وتجتهدون في الدعاء أن يؤخر أجَلِي، فلمّا نصبوا أنفسهم للدعاء، وأرادوا أن يجتهدوا؛ أخذهم النوم؛ حتى لم يستطيعوا دعاء، فجعل يُوقظهم، ويقول:


(١) ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>